الاحتياط في العبادات مغايرا لمناط حكمه بوجوبه في التوصّليّات ، وهو كما ترى.
قلت : الحاصل من الإتيان بكل محتمل في مفروض البحث مع القصد المزبور ليس إلاّ رفع العقاب المحتمل في تركه من حيث احتمال كونه واجبا واقعيّا ، فإذا كان من قصده الإتيان بجميع المحتملات عند فعل البعض فلا يحصل بعد فعله بالقصد المذكور ما لم ينكشف الحال ، إلاّ دفع العقاب المحتمل على تقدير كونه واجبا ، لا القطع بعدم العقاب ؛ ضرورة منافاته مع فرض تردّد الواجب ، ففعل البعض مع القصد المزبور لا يترتّب عليه إلاّ دفع العقاب المحتمل. نعم ، فعله لا بالقصد المذكور كتركه رأسا لا يترتّب عليه إلاّ الوقوع في محتمل الضّرر إذا لوحظ مجرّدا عن ترك غيره.
نعم ، يترتّب عليه الوقوع في مقطوع الضّرر إذا لوحظ مع ترك غيره لا مع مجرّد عدم العزم على فعل غيره ، غاية ما هناك : في العبادات المردّدة بين المتباينين عدم إمكان دفع الضّرر المحتمل في ترك البعض إلاّ بإتيانه على الوجه الذي ذكرنا. وأين هذا من تغيّر عنوان حكم العقل بوجوب الاحتياط بحسب موارده وكونه دفع الضّرر المقطوع في العبادات المردّدة والضّرر المحتمل في التوصّليّات المردّدة؟
هذا ما أدّي إليه النظر عاجلا وعليك بالتأمّل التام في المقام وإن كان أمره واضحا عند الأعلام.
* * *