__________________
الإتيان بقصد الإحتياط لا ينطبق عليه ، بل لا يتحقّق ذلك المعنى إلاّ بعد العلم بالواجب.
وإن قلنا : بأنّ المعتبر في العبادة ليس إلاّ أن يكون داعي المأمور في عمله هو الله بأن يقصد أمرا يرجع إلى الله من موافقة أمره أو التقرّب إليه أو الطمع في ثواب العمل منه تعالى أو الخوف من عقابه ، أو لأنّه أهل للعبادة ، أو لأن العمل محبوبه إلى غير ذلك من الإعتبارات الرّاجعة اليه ، فلا ريب أنّ الإتيان بداعي الإحتياط والرّجاء بالظفر بمطلوبه من أقوى أفراد القربة ، بل القربة فيه أتمّ وأكمل من معلوم الوجوب لو فعله بقصد أمره ؛ لأنّ هذا العبد المحتاط الآتي بما يحتمل أن يكون مطلوبا للمولى أشدّ إهتماما بإطاعة المولى ممّن يأتي بما يعلم أنه مطلوب للمولى لأجله ، وهذا هو التحقيق الذي يعتمد عليه ؛ لأن مستند اعتبار القربة في العبادات منحصر في الإجماع على التحقيق والقدر المتيقّن منه لا يزيد عن أن يكون العمل بداع يرجع إلى الله بوجه من الوجوه.
وما قيل : إن الأصل في الأوامر هو التعبّديّة فالمستند في اعتبار القربة هو الأمر بنفسه ، وكذا ما استدل له من آية ( وَما أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) وخبر ( إنما الاعمال بالنيّات ) و ( لا عمل إلاّ بنيّة ) وأشباه ذلك مما ذكر في محلّه ، كلّها مخدوشة في محلّها لا يخفى على من راجع ذلك المقام في الكتب الإستدلاليّة في الفقه والأصول.
وأيضا القدر المسلّم ممّا يعتبر في صحّة العبادة مجرّد قصد القربة وإن لم يعلم بحصولها ، بل علم عدم حصولها ولذا نحكم بصحّة عتق الكافر ووقفه بناء على كونهما من العبادات ومن هنا نقول بصحّة العبادة لو فعله بقصد أمر تخيّل المكلّف تعلّقه بها جهلا مركّبا وكان المتعلّق بها أمرا آخر لم يقصده بشرط أن يكون الفعل المأتي به موافقا لما تعلّق به الأمر الواقعي ، هذا