المقام الذي أشرنا إليه قلّة أفراد العدول من العلماء فلا محالة يكون ما دلّ على وجوب إكرام العلماء أقوى دلالة بالنسبة إلى الواسطة مما دلّ على النهي عن إكرامهم هذا.
ولكن قد يناقش فيما أفاده من وجوه :
أحدها : المنع من رجوع أكثر أفراد الشبهة الابتدائيّة إلى الشبهة الغير المحصورة ؛ ضرورة وقوع الشكّ كثيرا في نجاسة شيء أو حرمته من غير أن يكون هناك علم إجمالي بوجود النجس ، أو الحرام ، بين أشياء يكون المشكوك من أطرافه ، وإن كان هناك علم إجمالي لا تعلّق له بالمشكوك أصلا ؛ فإنه غير موجب لصيرورة المشكوك من الشبهة الغير المحصورة كما هو ظاهر.
فإذا شك في نجاسة البدن أو الثوب من جهة الشكّ في خروج البول عن المحلّ لم يكن معنى للحكم بكونه من الشبهة الغير المحصورة ؛ من جهة العلم الإجمالي بوجود النجس في العالم ، وكذا إذا شكّ في تنجّس البدن أو الثوب أو غيرهما من جهة الشك في ملاقاتها للنجس المعلوم بالتفصيل من غير أن يكون هناك علم إجمالي بملاقاة شيء له يحتمل كونه أحد المذكورات إلى غير ذلك من الأمثلة الواضحة.
وبالجملة : لا إشكال في أن الشكّ لا يخرج عن كونه ابتدائيّا إلاّ إذا كان له تعلّق بما علم إجمالا باحتمال انطباق المعلوم بالإجمال على مورده بحيث يصير سببا للشكّ ، وإلاّ فربّما يشكّ في نجاسة أشياء كثيرة وحرمتها مع عدم العلم بوجود