ثمّ إنه قدسسره ليس في مقام التّحقيق في قوله : « ثم إذا لم نقل بوجوب الاحتياط ... الى آخره » (١) ، بل الغرض مجرّد الإشارة إلى الوجوه والأقوال ، وإلاّ فلا معنى لمرجّحيّة الأصل عنده ، ولا التّوقّف في الأخبار ؛ لأن المختار في تعارضها بعد التّكافؤ ، التخيير بين الخبرين ، وإنّما التّوقّف المراد به التساقط في مورد التعارض ، والرجوع إلى الأصل الموافق لأحدهما إن كان ، أو إلى التخيير إن لم يكن في غير الأخبار ، لا التساقط مطلقا والرجوع إلى الأصل كذلك.
(١٥) قوله قدسسره : ( بقي هنا شيء وهو : أن الأصوليّين ... إلى آخره ). ( ج ٢ / ١١٧ )
أقول : الكلام فيما يتعلّق بما أفاده يأتي إن شاء الله تعالى في الجزء الرابع من التعليقة (٢) وبزعمي : أن مسألة النّاقل والمقرّر أعمّ من مسألة المبيح والحاظر ، وتخطئة البعض أولى من جعل المسألتين متقابلتين ، كما أن خلافهم في المسألتين في تقديم الموافق أو المخالف مبني على الترجيح بالموافقة من حيث الاعتضاد بالأصل ؛ نظرا إلى اعتباره عندهم من باب الظنّ ، كما يقتضيه كلمات الأكثرين ، أو التعبّد بناء على جواز الترجيح بما لا يوجب أقربيّة أحد المتعارضين ، على خلاف التحقيق الذي تسمعه في محلّه ، أو المخالفة ؛ من حيث إن التأسيس أولى من التأكيد ، وإن بناء الشارع على تبليغ ما يخالف الأصل ، فالظنّ في جانب المخالف.
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ٢ / ١١٦.
(٢) بحر الفوائد : ج ٤ / ٦٦.