الاجتناب عنها ، فيرجع الأمر بالآخرة إلى الملازمة بين وجوب الاجتناب عن الشيء وما يلاقيه ، فيدل على حكم المقام أيضا.
ودعوى : ابتناء الرواية حينئذ على ثبوت الملازمة المختصّة بين الحكمين في خصوص النّجاسات لا مطلقا ، وإلاّ لزمه تخصيص الأكثر القبيح ، كما ترى.
نعم ، على القول بكون الأحكام الوضعيّة حتى الطهارة والنجاسة مجعولة ، أو أمورا واقعيّة كشف عنها الشارع ، لم تدل الرواية على حكم المقام على تقدير حملها على ثبوت الملازمة بين نجاسة الشيء ونجاسة ما يلاقيه كما لا يخفى. والمستظهر عند شيخنا قدسسره نفي الجعل بالنسبة إلى الأحكام الوضعيّة مطلقا كما يفصح عنه كلامه في الجزء الثالث من « الكتاب » (١) ، وإن لم يستبعد الوجه الأخير بالنسبة إلى بعضها كالملكيّة والزوجيّة وأضرابهما هذا.
ولكن يمكن أن يقال : إن المقصود من الرّواية ليس بيان الملازمة أصلا ، وإنما الغرض منها كون الميتة من النجاسات ، وإلاّ فأصل الحكم وهو تنجّس ملاقي النجس تعبّدا كان معلوما للسائل ، فالغرض إرشاد السائل إلى نجاسته فتدبّر ، هذا كله.
مع أن في الجواب الأوّل وهو ضعف الرواية سندا غنى وكفاية ، وكون الحكم المذكور فيها مسلّما بينهم لا يدلّ على تمسّكهم فيه بالرواية مع وجود العموم
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ٣ / ١٢٥.