بل من باب التسليم وعلى سبيل التنزل كما ان هذا ديدن القوم فى استدلالاتهم وذلك واضح للمتتبع البصير بحيث لا يكاد يخفى فتامل فى المقام فانه من مزال الاقدام.
وايضا يمكن الاستدلال للجامع العام بان الشارع من ديدنه مع عدم التنبيه ان يكون فى عادته على حسب عادة الناس ، كما ان الحكمة تقتضى ذلك فاذا اراد وضع الفاظ عنده لمعان مخصوصة كالصلاة والصيام وغير ذلك ، فلا بد وان يكون وضعه لمعانيها على حسب وضع الواضعين ، ونحن نرى بالوجدان من حال الواضعين انهم يضعون الالفاظ للمعانى على وجه لا يقدح فيه اختلال بعض اجزائه وشرائطه ، وما ذاك إلّا لكونه موضوعا عندهم لمعنى عام يشترك فيه الناقص والكامل فكذلك الشارع هذا ان قلنا بثبوت الحقيقة الشرعية وان لم نقل وكانت هذه الالفاظ حقائق عرفية فى معانيها فالامر اوضح من ان يخفى ، اذ هى على هذا التقدير تكون كسائر الالفاظ العرفية التى لا يتفاوت الحال فى اطلاقها على مسمياتها بين نقصان المسمى وكماله كلفظى الساعة والكتاب مثلا ، فانك تجد صحة استعمالهما فيما ينقص عنه ورقة من الكتاب او بعض آلات الساعة.
لا يقال : ليس الغرض من الاوضاع الا تعيين المسميات والمسمى الذى يكون الحاجة الى تعيينه هو الصحيح الموافق للغرض ولا داعى للوضع الى يعم الفاسد.
لانه يقال : يجوز ان يكون الداعى للوضع للمعنى الاعم هو فتح باب التمسك بالاطلاق فى الفاظ العبادات ، اذ لو اقتصر فى الوضع على خصوص الصحيح كان اللفظ مجملا لا يسع الناظر فيه الا الرجوع الى الاصول العملية بخلاف ما لو وضع للاعم فانه يصح معه التمسك باطلاق اللفظ لنفى مشكوك الجزئية ، او الشرطية.