على الثانى فانه يختص اشتمالها على المصلحة بحال القدرة خاصة.
ومنه ينقدح لك الحال فيما نحن فيه ، فإن الخطاب وان كان بحكم العقل مختصا بالحاضرين ، إلّا ان المولى لم يؤخذ ذلك قيدا فى متعلق حكمه ، فكان التقييد بالقدرة شىء يقتضيه العقل دون الشرع ، بل المنظور اليه فى الخطاب الذى يتضمن التكليف هو مطلق المكلفين ، حاضرين كانوا او غائبين او معدومين.
وفيه : انا لا نتعقل الاطلاق فى ناحية المادة الواقعة فى حيز الحكم ، بعد اعتبار الحكم متضيقا بحال القدرة اذ لا بد من الموازنة والمساواة بين الحكم وموضوعه ، لا بمعنى تقييد الموضوع بحكمه ، اذ ذلك مستحيل بعد فرض اختلافهما بالرتبة ، بل بمعنى ان يكون الموضوع والمتعلق على حد الحكم ، لا يزيد عليه ولا ينقص ، وانما يكون باعتباره حصة هى توأم مع الحكم ، وهكذا الحال بالنسبة الى من توجه الحكم اليه ، وكان مخاطبا بالكلام ، فانه لا بد وان يكون على حذو التكليف والحكم المتلقى من ذلك الكلام ، فان كان الحكم عاما كان المكلف به كذلك ، وان كان خاصا كان المكلف به كذلك ، فلا معنى للتفكيك بينهما ، بدعوى التضييق فى جانب الحكم واختصاصه بالحاضرين ، والقول بعمومه ملاكا وعدم اختصاصه بهم.
ولئن سلم وقلنا بذلك فى جانب المطلوب ، فلا نسلمه فى جانب المطلوب منه المكلف ، بمقتضى ذلك الحكم ، اذ غاية ما يمكن ان يقال فى وجه الاطلاق فى ناحية المطلوب ، ان التقييد بالقدرة ، تارة يكون من قبيل التقييد المتصل بالكلام ، كما لو كان ذلك القيد ارتكازيا فى الاذهان لا يكاد يخفى على السامع ، اذا سمع الكلام وخوطب به ، واخرى يكون من قبيل القيد المنفصل عن الكلام ، كما اذا فرض اختفاء القيد على وجه ، لا يلتقت اليه ، الا بعد التأمل وتدقيق النظر ، فإن كان من قبيل