الشرع فى مورد تمامية العلة فى تشريع الحكم وحصول المصلحة فى المأمور به اذا الامر مظهر الارادة ، ولا تتعلق الارادة بشىء الا حيث يكون مصلحة مقتضية لتعلق الامر به ، فيتحقق بذلك موضوع حكم العقل.
هذا على المختار من دوران تحتم الاطاعة مدار تحقق الارادة. واما بناء على القول الآخر فالملازمة منتفية من الجانبين ، اذ عليه ربما يتحقق الحكم الشرعى عن مصلحة فى حكمه وبعثه نحو الفعل من غير ان يكون هناك مصلحة فى الفعل نفسه ، واذا لم يكن مصلحة فى الفعل نفسه لم يحكم العقل فيه بشىء ، فيحصل بذلك انفراد حكم الشرع عن حكم العقل وبطلت الملازمة من الجانبين.
فتحصل من جميع ما مر من الكلام ان مدار الطاعة على تحقق الارادة.
لا يقال : هذه الارادة هل هى متحققة فى تكاليف الكفار والعصاة من غيرهم او غير متحققة؟ فإن كانت متحققة وجب فيها تحقق المراد وامتنعت المخالفة ، لان ارادة الله سبحانه لا يتخلف عن مراده كما نطقت به الآية الكريمة : (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)(١)
وان كانت غير متحققة جازت المخالفة منهم لانتفاء الارادة منه سبحانه وتعالى ، فما وجه استحقاقهم للعقوبة بالمخالفة؟
لانه يقال : نختار الشق الاول اعنى تحقق الارادة منه سبحانه فى تكاليفه ونمنع استحالة المخالفة فى مثل هذه الارادة المسماة بالارادة التشريعية وانما المستحيل تخلفها عن المراد ، وكانت مورد انطباق الآية الكريمة عليها هى الارادة التكوينية خاصة لا مطلق الارادة.
__________________
(١) ـ يس : ٨٢ وفى سورة النحل : ٤٠ قال تعالى : (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ.)