الحرب ومشدود الوسط (١).
أقول : وما عزاه إلى المبسوط هو خيرته أيضا في الخلاف ، قال : ويكره أن يصلّي وهو مشدود الوسط ، ولم يكره ذلك أحد من الفقهاء ، دليلنا إجماع الفرقة ، وطريقة الاحتياط (٢).
وهو ظاهر شيخنا أيضا في الروضة ، فقال : ويمكن الاكتفاء في دليل الكراهة بمثل هذه الرواية (٣) ، مشيرا بها إلى ما في الذكرى من الرواية النبوية.
وهو حسن.
قيل : وبكراهته يمكن أن يستدل على كراهية القباء المشدود بالفحوى ، لأن كراهة الصلاة مع التحزّم الذي ليس فيه إلّا قليل شدّ تستلزم كراهيتها في القباء المشدود الذي هو أكثر شدّا بطريق أولى. إلّا أن يقال : إن الفقهاء لم يفتوا بكراهة التحزّم ، والقياس بطريق أولى حجّة إذا كان الحكم في المقيس عليه مقبولا (٤).
وفيه نظر ، لعدم وضوح الأولوية بعد احتمال كون القباء له مدخلية في الكراهة ، كما هو ظاهر الجماعة ، وليس كل متحزم عليه من نحو القميص والرداء وغيرهما قباء ، بل هو ثوب خاص ، وعن نظام الغريب : أنه قميص ضيّق الكمين مفرج المقدّم والمؤخّر (٥).
ثمَّ دعوى عدم مصير الفقهاء إلى كراهة الصلاة مع التحزّم قد عرفت ما فيها ، لكونها مذهب الشيخ في جملة من كتبه ، مدّعيا في بعضها إجماعنا (٦).
__________________
(١) الدروس : ١ : ١٤٨.
(٢) الخلاف ١ : ٥٠٩.
(٣) الروضة ١ : ٢١٠.
(٤) حاشية المدارك للبهبهاني ( المدارك بالطبع الحجري : ١٤٣ ).
(٥) حكى عنه الفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ١٩٢.
(٦) لم نعثر في كتب الشيخ على ما نسب إليه من كراهة شدّ الوسط ، إلّا ما في الخلاف من ادّعاء