«التبليغ» وسمّى بابا آخر «الاشباع» وسمّاهما أبو العسكري وابن الأثير «الايغال». وأطلق بعضهم أسماء مختلفة على فن واحد كتسميتهم «التجنيس» جناسا ومجانسا ومماثلا وتماثلا ، و «التورية» إيهاما وتوجيها وتخييلا ، و «التشبيه المقلوب» غلبة الفروع على الاصول ، والطرد والعكس ، و «التوجيه» محتمل الضدين ، و «الارصاد» تسهيما وتوشيحا و «لزوم ما لا يلزم» إلزاما والتزاما وإعناتا وتشديدا وتضييقا ، و «التشريع» توشيحا وذا القافيتين ، و «التكميل» احتراسا ، و «رد العجز على الصدر» تصديرا ، و «المطابقة» طباقا وتضادا وتكافؤا وتطبيقا ، و «تجاهل العارف» سوق المعلوم مساق غيره ، و «مراعاة النظير» تناسبا وتوفيقا وائتلافا ، و «المذهب الكلامي» الاحتجاج النظري. وقد يريد بعضهم بالتوشيح فنّا غير الذي يريده آخر ، وقد يختلف التعريف والمثال. فالتوشيح عند معظم البلاغيين هو الارصاد والتسهيم ، وعند أسامة بن منقذ «هو أن تريد الشيء فتعبّر عنه عبارة حسنة وإن كانت أطول منه». وعند ضياء الدين بن الأثير «هو أن يبني الشاعر أبيات قصيدته على بحرين ، فاذا وقف من البيت على القافية الأولى كان شعرا مستقيما من بحر على عروض ، وصار ما يضاف الى القافية الأولى للبيت كالوشاح وكذلك يجري في الفقرتين من الكلام المنثور». والى ذلك ذهب ابن قيّم الجوزيّة فقال : «التوشيح أن تكون ذيول الأبيات ذات قافيتين على بحرين أو ضربين من بحر واحد ، فعلى أيّ القافيتين وقفت كان شعرا مستقيما». وهذا هو «التشريع» عند الآخرين ، وقد يسمى «ذا القافيتين» و «التوأم» ، قال المدني عنه : «التشريع هو أن تبني القصيدة على وزنين من أوزان العروض وقافيتين ، فاذا أسقط من أجزاء البيت جزء أو جزءان صار ذلك البيت من وزن آخر ، كأنّ الشاعر شرع في بيته بابا الى وزن آخر. ولما خفي على ابن ابي الاصبع وجه مناسبة التشبيه بين اللغوي والاصطلاحي أو استبعده ، سمّى هذا النوع «التوأم» ليطابق بين الاسم والمسمى».
ولم يكن بدّ من الاشارة الى ذلك كله عند ما يتقدم المصطلح ، أما حينما يأتي باسم آخر فيذكر أنّه النوع السابق أو الانواع المتقدمة ، لئلا يطول الكلام ويعاد ما ثبت في موادّ أخرى. وبهذه الطريقة وبالاقتصار على الاسم المشهور لكل متقدم من البلاغيين خفّ المعجم ولم يتكرر فيه إلا ما كان تكراره مهما. فالسجع يسمى تسجيعا ، ولما كانت التاء قبل السين ، بحث هذا الفن وأقسامه في مصطلح «التسجيع» وكانت الاشارة في «السجع» اليه ، فقيل : «السجع : هو التسجيع وقد تقدم» ، و «السجع الحالي» هو «التسجيع الحالي وقد تقدم». وهكذا كان الأمر في كل مصطلح مع الاشارة الى المصادر التي ذكرته بالاسم الجديد لئلا يظن أنّ القدماء اتفقوا في التسمية ، أو أنّ بعضهم ذكر الفن بعدة مصطلحات.
إنّ «معجم المصطلحات البلاغية وتطورها» الذي ضمّ ألف مصطلح ومائة ، محاولة أريد بها