من المعنى» (١). وذكر البيت السابق وقول السيد الحميري :
أقسم بالفجر وبالعشر |
والشّفع والوتر ورب لقمان |
|
في منزل محكم ناطق |
بنور آيات وبرهان |
|
فالفجر فجر الصبح والعشر |
عشر النّحر والشفع نجيان |
|
محمد وابن أبي طالب |
والوتر رب العزة الباني |
|
باني سماوات بناها بلا |
تقدير إنسيّ ولا جان |
ثم قال ابن رشيق : «فانظر الى قوله : «رب لقمان» ما أكثر قلقه وأشد ركاكته». وذكر البيت الذي ذكره قدامة أيضا وهو قول علي بن محمد صاحب البصرة :
وسابغة الأذيال زعف مفاضة |
تكنفها مني نجاد مخطط (٢) |
وقال : «فلا أدري معنى هذا الشاعر في تخطيط النجاد ، وهذا أقل ما في تكلف القوافي الشاردة إذا ركبها غير فارسها ، وراضها غير سائسها».
ولم يذكر الاستدعاء أحد بعد قدامة وابن رشيق فيما وصل من كتب البلاغة والنقد.
الاستدلال بالتّعليل :
الاستدلال من استدل ، وهو «تقرير الدليل لاثبات المدلول سواء كان ذلك من الأثر الى المؤثر فيسمى استدلالا إنيا ، أو بالعكس ويسمى استدلالا لميا ، أو من أحد الأثرين الى الآخر» (٣).
وذكر ابن سنان الاستلال بالتعليل (٤) ، وهو ما يسمى في البديع حسن التعليل ولم يعرّفه وإنّما ذكر له قول أبي الحسن التهامي :
لو لم تكن ريقته خمرة |
لما تثنّى عطفه وهو صاح |
وقوله :
لو لم يكن أقحوانا ثغر مبسمها |
ما كان يزداد طيبا ساعة السّحر |
وقول البحتري :
ولو لم تكن ساخطا لم أكن |
أذمّ الزمان وأشكو الخطوبا |
وقال ابن سنان إنّ قوله تعالى (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا)(٥) جار هذا المجرى. وهذا من المذهب الكلامي عند البلاغيين.
الاستدلال بالتّمثيل :
قال ابن سنان : «وأما الاستدلال بالتمثيل فان يزيد في الكلام معنى يدل على صحته بذكر مثال له» (٦).
كقول المعري :
لو اختصرتم من الاحسان زرتكم |
والعذب يهجر للافراط في الخصر (٧) |
فدلّ على أنّ الزيادة فيما يطلب ربما كانت سببا للامتناع منه بتمثيل ذلك بالماء الذي لا يشرب لفرط برده وإن كان البرد فيه مطلوبا محمودا.
ومنه قول أبي تمام :
أخرجتموه بكره من سجيته |
والنار قد تنتضى من ناضر السّلم (٨) |
__________________
(١) العمدة ج ٢ ص ٧٤ ، وينظر كفاية الطالب ص ٢٠٦.
(٢) الزغف ؛ الدرع المحكمة.
(٣) التعريفات ص ١٢.
(٤) سر الفصاحة ص ٣٢٧.
(٥) الأنبياء ٢٢.
(٦) سر الفصاحة ص ٣٢٤.
(٧) الخصر ؛ البرد.
(٨) السلم ؛ جنس من الشجر شائك.