للفرع أصلا وللأصل فرعا وهو غير جائز ، ولذلك لو حاول محاول المبالغة في وصف الشمس بالظهور والمسك بالطيب فقال : «الشمس كالحجة في الظهور» و «المسك كأخلاق فلان في الطيب» كان سخيفا من القول» (١).
وأجازه بعضهم ، ومن أمثلته قول القاضي التنوخي :
وكأنّ النجوم بين دجاها |
سنن لاح بينهنّ ابتداع |
وقول أبي طالب الرقي :
ولقد ذكرتك والظلام كأنّه |
يوم الندى وفؤاد من لم يعشق |
وقول الآخر :
ربّ ليل كأنّه أملي في |
ك وقد رحت عنك بالحرمان |
وعلل الرازي حسن هذه التشبيهات بقوله : «واعلم أنّ الوجه الحسن في هذه التشبيهات أن يقدر المعقول محسوسا ويجعل كالاصل في ذلك المحسوس على طريق المبالغة وحينئذ يصح التشبيه» (٢). ولم يستطع الرازي أن يتجاوز ذلك بعد أن رأى لمثل هذا اللون أمثلته في كلام العرب (٣).
الطّلب :
الطلب : محاولة وجدان الشيء وأخذه. وطلب اليّ طلبا : رغب ، يقال : طلب اليّ فأطلبته أي : أسعفته بما طلب (٤).
والطلب من مباحث علم المعاني فقد قسّموا الإنشاء الى قسمين :
الأوّل : الإنشاء الطلبيّ ، وهو ما يستدعي مطلوبا غير حاصل وقت الطلب ، وهو خمسة انواع : الأمر ، والنهي ، والاستفهام ، والتمني ، والنداء. ولكل واحد منها كلام في هذا المعجم.
الثاني : الإنشاء غير الطلبيّ وهو ما لا يستدعي مطلوبا وله أساليب مختلفة منها :
صيغ المدح والذم ، ومنها «نعم» و «بئس» كقوله تعالى : (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)(٥) ، وقوله :(وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ)(٦) وقوله :(يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ)(٧).
ومنه قول زهير في مدح هرم بن سنان :
نعم امرأ هرم لم تعر نائبة |
إلّا وكان لمرتاع لها وزرا |
ومنها «حبّذا» و «لا حبّذا» كقول جرير :
يا حبذا جبل الريان من جبل |
وحبذا ساكن الريّان من كانا |
|
وحبذا نفحات من يمانية |
تأتيك من قبل الريّان أحيانا |
ومنها الأفعال المحوّلة الى «فعل» مثل قوله تعالى : (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ)(٨) والتعجب :وله صيغتان قياسيتان هما : «ما أفعله» كقوله تعالى : (قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ)(٩) ، وقوله : (فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ)(١٠) وقول الشاعر :
__________________
(١) نهاية الايجاز ص ٥٩ ، وينظر البرهان في علوم القرآن ج ٣ ص ٤٢٠.
(٢) نهاية الايجاز ص ٦٠.
(٣) الايضاح ص ٢٢١ ، خزانة الادب ص ١٨٣ ، البرهان ج ٣ ص ٤٢٠ ، التبيان في البيان ص ١٤٤.
(٤) اللسان (طلب).
(٥) البقرة ٢٧١.
(٦) النحل ٣٠.
(٧) الحج ١٣.
(٨) الكهف ٥.
(٩) عبس ١٧.
(١٠) البقرة ١٧٥.