الثاني : المفعول معه فانه لا يجيء بعد «إلا» ولذلك لا يقال : «ما سرت إلا والحائط».
وينقسم القصر بحسب الحقيقة والاضافة الى قسمين :
الاول : قصر حقيقي ، وهو أن يختص المقصور بالمقصور عليه بحسب الحقيقة لا يتعداه الى غيره أصلا كقوله تعالى : (إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ)(١) فالتذكر صفة لا تتجاوز الى غيرهم من سائر الناس في الحقيقة والواقع.
الثاني : قصر إضافي ، وهو غير حقيقي وذلك بأن يكون القصر فيه بالاضافة الى شيء مخصوص لا الى ما عدا المقصور عليه ، ومنه قوله تعالى : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ)(٢) فـ «محمد» مقصور على الرسالة بالاضافة الى شيء آخر ، وليس المقصود أنّ الرسالة مختصة به وحده.
وينقسم القصر باعتبار طرفيه ـ المقصور والمقصور عليه ـ الى قسمين :
الأول : قصر موصوف على صفة كقوله تعالى : (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى)(٣) فقد قصرت العبادة على التقريب قصر موصوف على صفة.
الثاني : قصر صفة على موصوف مثل : «ما في الدار إلا محمد» فقد قصر الوجود في الدار على «محمد» قصر صفة على موصوف.
والمراد بالصفة في أسلوب القصر الصفة المعنوية لا النعت الذي يذكره النحاة ، لأنّ الاستثناء لا يقع بين الصفة والموصوف.
وينقسم القصر بحسب الحقيقة والادعاء الى أربعة أقسام :
الأوّل : القصر الحقيقي على سبيل الحقيقة.
الثاني : قصر إضافي على سبيل الحقيقة.
وهذان النوعان هما اللذان يقصدان عند اطلاق القصر الحقيقي والقصر الاضافي كما سبق.
الثالث : قصر حقيقي على سبيل الادعاء والمبالغة ، ومثال قصر الصفة على الموصوف «لا شاعر إلا المتنبي» على سبيل المبالغة وإضفاء الشاعرية على المتنبي.
ومثال قصر الموصوف على الصفة : «ما حاتم إلا جوادا» أي انه لا يتصف بغير الجود من الصفات مبالغة في كمال الجود فيه.
الرابع : قصر إضافي على سبيل الادعاء والمبالغة ، ومثال قصر الصفة على الموصوف : «ما عالم إلا محمد» وذلك إذا أريد قصر العلم على «محمد» بالنسبة الى آخر اذا كان عالما أيضا.
ومثال قصر الموصوف على الصفة : «ما محمد إلا كاتب» إذا قصر «محمد» على الكتابة بالنسبة الى صفة الشعر او الرسم ، ويراد بذلك انتقاء صفة الشعر أو الرسم منه.
وينقسم القصر الاضافي بحسب حال المخاطب الى ثلاثة اقسام :
الاول : قصر إفراد ، وذلك إذا اعتقد المخاطب الشركة في الحكم بين المقصور عليه وغيره.
الثاني : قصر قلب ، وذلك إذا اعتقد المخاطب عكس الحكم الذي يثبت بالقصر.
الثالث : قصر تعيين ، وذلك إذا كان المخاطب مترددا في الحكم بين المقصور عليه وغيره.
فاذا قيل في قصر الصفة على الموصوف : «الأديب محمد لا خالد» وكان المخاطب يعتقد اشتراكهما في صفة الأدب كان القصر «قصر إفراد».
واذا كان المخاطب يعتقد غير ذلك كان القصر «قصر قلب».
__________________
(١) الرعد ١٩.
(٢) آل عمران ١٤٤.
(٣) الزمر ٣.