أترى الجيرة الذين تداعوا |
عند سير الحبيب وقت الزّوال |
|
علموا أنّني مقيم وقلبي |
راحل فيهم أمام الجمال |
|
مثل صاع العزيز في أرحل القو |
م ولا يعلمون ما في الرحال |
وفيه إشارة الى ما جاء في سورة يوسف ـ عليهالسلام ـ من صواع صاحب مصر أيام يوسف.
وقول أبي تمام :
لحقنا بأخراهم وقد حوّم الهوى |
قلوبا عهدنا طيرها وهي وقّع |
|
فردّت علينا الشمس والليل راغم |
بشمس لهم من جانب الخدر تطلع |
|
نضا ضؤوها صبغ الدّجنّة وانطوى |
لبهجتها ثوب السماء المجزّع |
|
فو الله ما أدري أأحلام نائم |
ألمّت بنا أم كان في الركب يوشع |
وفيه إشارة الى قصة يوشع فتى موسى ـ عليهماالسلام ـ واستيقافه الشمس.
والثاني كقول الحريري : «بت ليلة نابغية» أومأ الى قول النابغة الذبيانيّ :
فبتّ كأنّي ساورتني ضئيلة |
من الرقش في أنيابها السّمّ ناقع |
وقول غيره :
لعمرو مع الرمضاء والنار تلتظي |
أرقّ وأحفى منك في ساعة الكرب |
أشار الى البيت المشهور :
المستجير بعمرو عند كربته |
كالمستجير من الرمضاء بالنار |
ومن التلميح ضرب يشبه اللغز كما روي أنّ تميميا قال لشريك النميري : «ما في الجوارح أحبّ اليّ من البازي» فقال : «إذا كان يصيد القطا» ، أشار التميمي الى قول جرير :
أنا البازي المطلّ على نمير |
أتيح من السماء لها انصبابا |
وأشار شريك الى قول الطرماح :
تميم بطرق اللؤم أهدى من القطا |
ولو سلكت طرق المكارم ضلّت |
وتبع القزويني في هذا الفن شراح التلخيص (١) ، ولا يخرج كلام الآخرين عن هذا المعنى (٢) ، وان كان المدني فصّل القول فيه وصنفه أربعة فصول :
الأول : فيما وقع التلميح فيه الى آية من القرآن.
الثاني : فيما وقع التلميح فيه الى حديث مشهور.
الثالث : فيما وقع التلميح فيه الى شعر مشهور.
الرابع : فيما وقع التلميح فيه الى مثل.
ولا يخرج ما ذكره عما تقدم ، وإن كان بحثه مرتبا ، وأمثلته كثيرة لأنّه كما قال : «باب لا ينتهي حتى ينتهى عنه» (٣).
وقد عدّه الحلبي والنويري من التضمين فقالا : «وهو من التضمين وإنّما بعضهم أفرده وهو أن يشير في فحوى الكلام الى مثل سائر أو بيت مشهور أو قضية معروفة من غير أن يذكره» (٤).
__________________
(١) شروح التلخيص ج ٤ ص ٥٢٤ ، المطول ص ٤٧٥ ، الأطول ج ٢ ص ٢٥٤.
(٢) الطراز ج ٣ ص ١٧٠ ، الفوائد ص ١٦٢ ، خزانة الأدب ص ١٨٤ ، شرح عقود الجمان ص ١٧١ ، أنوار الربيع ج ٤ ص ٢٦٦ ، نفحات ص ١٨٤ ، التبيان في البيان ص ٣٥٧ ، شرح الكافية ص ٣٢٨.
(٣) أنوار الربيع ج ٤ ص ٣٠٧.
(٤) حسن التوسل ص ٢٤٢ ، نهاية الارب ج ٧ ص ١٢٧.