الغرض الأظهر منها تناولها.
٢ ـ أن يدلّ العقل على الحذف والتعيين كقوله تعالى : (وَجاءَ رَبُّكَ)(١) أي : أمر ربك أو عذابه أو بأسه.
٣ ـ أن يدلّ الفعل على الحذف والعادة على التعيين كقوله تعالى حكاية عن امرأة العزيز :
(فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ)(٢). دل العقل على الحذف فيه ؛ لأنّ الانسان إنّما يلام على كسبه فيحتمل أن يكون التقدير «في حبه» ، لقوله : (قَدْ شَغَفَها حُبًّا)(٣) ، وأن يكون «في مراودته لقوله : (تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ)(٤) وأن يكون «في شأنه وأمره» فيشملهما. والعادة دلّت على تعيين المراودة لأنّ الحبّ المفرط لا يلام الانسان عليه في العادة لقهره صاحبه وغلبته إياه ، وإنّما يلام على المراودة الداخلة تحت كسبه التي يقدر أن يدفعها عن نفسه.
٤ ـ أن تدلّ العادة على الحذف والتعيين كقوله تعالى : (لَوْ نَعْلَمُ قِتالاً لَاتَّبَعْناكُمْ)(٥) من أنّهم كانوا أخبر الناس بالحرب فكيف يقولون بأنّهم لا يعرفونها؟ فلا بدّ من حذف ، وتقديره : «مكان قتل» أي أنكم تقاتلون في موضع لا يصلح للقتال ويخشى عليكم منه ، ويدل عليه أنّهم أشاروا على رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أن لا يخرج من المدينة وأنّ الحزم البقاء فيها.
٥ ـ الشروع في الفعل كقول المؤمن : «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» عند الشروع في القراءة أو أي عمل ، فانه يفيد أنّ المراد : «بسم الله أقرأ» والمحذوف بقدر ما جعلت التسمية مبدأ له.
٦ ـ اقتران الكلام بالفعل فانه يفيد تقديره كقولنا لمن أعرس : «بالرفاء والبنين» فانه يفيد : بالرفاء والبنين أعرست (٦).
والمحذوف نوعان :
الأول : حذف جزء جملة ، وهو حذف المفردات ، ويكون على صور مختلفة.
١ ـ حذف الفاعل : كقول العرب : «أرسلت» وهم يريدون : «جاء المطر» ولا يذكرون السماء. ومنه قوله تعالى : (كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ وَقِيلَ مَنْ راقٍ)(٧) ، والضمير في (بَلَغَتِ) للنفس ولم يجر لها ذكر.
ومنه قول حاتم :
أماويّ ما يغني الثراء عن الفتى |
إذا حشرجت يوما وضاق بها الصّدر |
يريد : النفس ، ولم يجر لها ذكر.
٢ ـ حذف الفعل وجوابه : وهو نوعان :
أحدهما : يظهر بدلالة المفعول عليه كقوله تعالى : (فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ : ناقَةَ اللهِ وَسُقْياها)(٨) أي :احذروا.
وقول المتنبي :
ولو لا أنّ أكثر ما تمنّى |
معاودة لقلت ولا مناكا |
أي : ولا صاحبت مناكا.
وثانيهما : لا يظهر فيه قسم الفعل ؛ لأنّه لا يكون هناك منصوب يدل عليه ، وإنّما يظهر بالنظر الى ملاءمة الكلام كقوله تعالى : (وَعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونا كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ)(٩).
فقوله : (لَقَدْ جِئْتُمُونا) يحتاج الى اضمار فعل ؛ أي : فقيل لهم : لقد جئتمونا ، أو فقلنا لهم.
ومن هذا الضرب ايقاع الفعل على شيئين وهو
__________________
(١) الفجر ٢٢.
(٢) يوسف ٣٢.
(٣) يوسف ٣٠.
(٤) يوسف ٣٠.
(٥) آل عمران ١٦٧.
(٦) الايضاح ص ١٩٣ ، شروح التلخيص ج ٣ ص ٢٠٣.
(٧) القيامة ٢٦ ـ ٢٧.
(٨) الشمس ١٣.
(٩) الكهف ٤٨.