وحقّه أن يقول :
وقفت وما في الموت شكّ لواقف |
ووجهك وضّاح وثغرك باسم |
|
تمرّ بك الأبطال كلمى هزيمة |
كأنك في جفن الردى وهو نائم |
ومن ذلك قول بعض العرب :
فإنّك إن تهجو تميما وترتشي |
سرابيل قيس أو سحوق العمائم (١) |
|
كمهريق ماء في الفلاة وغرّه |
سراب أذاعته رياح السمائم |
وقول الآخر :
فاني وتركي ندى الأكرمين |
وقدحي بكفي زندا شحاحا |
|
كتاركة بيضها بالعراء |
وملبسة بيض أخرى جناحا |
وحقه أن يكون :
وإني وتركي ندى الاكرمين |
وقدحي بكفي زندا شحاحا |
|
كمهريق ماء بالغلاة وغرّه |
سراب أذاعته رياح السمائم |
و:
وإنّك إذ تهجو تميما وترتشي |
سرابيل قيس أو سحوق العمائم |
|
كتاركة بيضها بالعراء |
وملبسة بيض أخرى جناحا |
وكان ابن طباطبا قد تحدّث عن مثل ذلك في باب تأليف الشعر وما يقع من مشاكلة بين بيت وبيت أو مصراع ومصراع (٢).
وتحدّث ابن منقذ في هذا الباب عن فساد التفسير وفساد التجنيس وفساد القسمة وفساد المقابلة وفساد المجاورة وفساد التشبيه. فمن فساد التفسير قول بعضهم :
فيا أيّها الحيران في ظلمة الدّجى |
ومن خاف أن يلقاه بغي من الأذى |
|
تعال اليه تلق من نور وجهه |
دليلا ومن كفيه بحرا من الندى |
ومن فساد التجنيس قول ابي تمام :
ذهبت بمذهبه السماحة فالتوت |
فيه الطنون أمذهب أم مذهب |
ومن فساد القسمة أو التقسيم قول جرير :
صارت حنيفة أثلاثا فثلثهم |
من العبيد وثلث من مواليها |
ومن فساد المقابلة قول الأخطل :
إذا التقت الأبطال أبصرت لونه |
مضيئا وألوان الكماة خضوع |
ومن فساد المجاورة قول أبي الشيص :
وللهوى جرس ينفي الرقاد به |
فكلّما رمت نوما حرّك الجرسا |
ومن فساد التشبيه قول جميل :
لو كان في قلبي كقدر قلامة |
حبّا وصلتك أو أتتك رسائلي |
فساد التّفسير :
التفسير هو أن يستوفي الشاعر شرح ما ابتدأ به مجملا ، وصحة التفسير هو أن يضع معاني يريد أن يذكر أحوالها في شعره الذي يصنعه فاذا ذكرها أتى بها غير أن يخالف معنى ما أتى به منها ولا يزيد أو ينقص.
وفساد التفسير خلاف ذلك (٣) وقد تقدّم في التفسير.
__________________
(١) السحوق : البالي.
(٢) عيار الشعر ص ١٢٤.
(٣) نقد الشعر ص ٢٣٠ ، الموشح ص ٣٦٧ ، قانون البلاغة ص ٤١٥.