وقد ذكر بعض الأصحاب أنّ الإصرار على الصغيرة إمّا بالفعل ، أو بالحكم ، فالأوّل كالمواظبة على نوع أو أنواع من الصغائر ، والثاني كالعزم على فعلها ثانياً بعد وقوعه وإن لم يفعل (١). وادّعى بعض أنّ هذا هو الظاهر (٢) ، لكن في جهة منافيات المروءة لم يذكروا ما لا بُدّ منه ، ( والأخبار الواردة في الإصرار ستسمع حالها (٣) ) (٤).
ولعلّ عدم الخلاف يسهّل الخطب ، لكن مع حصول الإصرار أو منافيات المروءة أو فعل الكبيرة هل تنتفي العدالة التي هي الملكة على ما قالوه (٥) ، أو تبقى الملكة لكن المانع حصل لها ، أو بعض ما ذكر يقتضي زوالها والبعض مانع ، فالأوّل كالكبيرة والإصرار ، والثاني كمنافيات المروءة؟ لم أجد في كلام الأصحاب تصريحاً بالحال ، غير أنّ الذي يمكن أن يقال : إنّ الملكة بتقدير حصولها يبعد زوالها بفعل الكبيرة ، فإمّا أن يقال بحصول المانع مع بقاء الملكة في الجملة ، أو يقال بزوالها للاتصاف بالفسق ؛ إذ لا واسطة هنا ، وتظهر الفائدة لو حصلت التوبة ، هل تعود الملكة لانتفاء المانع ، أو يتوقف على تحصيل ملكة بعد ذلك؟ لم أقف على ما يقتضي توضيح المقام.
نعم في كلام بعض الأصحاب أنّه لا خلاف في زوالها بارتكاب الكبيرة ، وكذلك بالإصرار على الصغيرة (٦) ؛ لأنّها كبيرة عندهم ، والظاهر
__________________
(١) القواعد والفوائد ١ : ٢٢٧.
(٢) مجمع الفائدة والبرهان ١٢ : ٣٢٠.
(٣) في ص : ٢١٨٦.
(٤) بدل ما بين القوسين في « م » : والاخبار الواردة في الإصرار غير سليمة.
(٥) الروضة البهية ١ : ٣٧٨ ، معالم الأُصول : ٢٠١ ، مجمع الفائدة والبرهان ٢ : ٣٥١.
(٦) المسالك ٢ : ٤٠١.