ثمّ إنّ حمل الشيخ يتضح المراد فيه بما قدّمناه سابقاً ، ويظهر منه إرادة الكراهة من العنوان ، وفي المنتهى : أنّه لا يعرف خلافاً في الكراهة ، إلاّ ما حكي عن محمّد بن الحسن الشيباني من المنع ، هكذا نقله شيخنا قدسسره (١) وفي المختلف حكى عن السيّد المرتضى رضياللهعنه أنّه قال : لا تجوز الصلاة خلف الفسّاق ، ولا يؤمّ بالناس الأغلف ، وولد الزنا إلى أنْ قال ـ : ولا المتيمم المتوضّئين (٢). والظاهر من هذا المنع ، فليتأمّل.
وفي مدارك شيخنا قدسسره بعد رواية عبّاد بن صُهيب ورواية السكوني ، قال : وفي الروايتين ضعف من حيث السند ، ولو لا تخيّل الإجماع على هذا الحكم لأمكن القول بجواز الإمامة على هذا الوجه من غير كراهة ، للأصل ، وما رواه الشيخ وابن بابويه في الصحيح عن جميل بن درّاج (٣) وذكر الرواية. ولا يخفى عليك الحال في ضعف رواية عبّاد والإجماع ، وقد حكى بعض محققي المتأخّرين رحمهالله عن الشيخ (٤) أنّه نقل عن بعض الأصحاب تحريم صلاة المتيمم بالمتوضّئين (٥) ، ولا يبعد أنْ يكون هو السيّد المرتضى ، فقول العلاّمة في المنتهى (٦) من أعجب الأُمور ، وقد نقله هذا الفاضل عنه.
إذا عرفت هذا فاعلم أنّ ما تضمنه خبر جميل من إمام القوم وغيره أيضاً ربما يستفاد منه أنّ الإمام الراتب لقوم يرجّح على غيره ، ويكون النهي
__________________
(١) المدارك ٤ : ٣٧١ ، وهو في المنتهي ١ : ٣٧٣.
(٢) المختلف ٢ : ٤٨٣.
(٣) المدارك ٤ : ٣٧٢.
(٤) في المصدر : الشارح.
(٥) مجمع الفائدة والبرهان ٣ : ٢٦٨.
(٦) المنتهى ١ : ٣٧٣.