والمجامع مكشوف الرأس والبدن إذا لم يكن أهل المجلس كذلك ، ومنه مدّ الرجلين في مجالس الناس ، والأكل في الأسواق ، إلاّ أنْ يكون الشخص سوقياً أو بدوياً أو قروياً أو يكون عادة تلك البلد ذلك ، ومنه أنْ يقبّل زوجته أو أمَته بين الناس ، أو يحكي ما يجري بينه وبينهما في الخلوة ، أو يكثر من الحكايات المضحكة ، أو يخرج من حسن العشرة التي هي مطلوبة عقلاً وعادةً مع أهله وإخوانه وجيرانه ومخالطيه ومعامليه ، كأن يضايق في المطعم القليل ، ويأكل وحده نفيس الأطعمة ويطعم غيره أقلّ ما يجزئ شرعاً ، ولا يلتفت إلى الجيران بإطعامٍ وماءٍ ، ونحو ذلك مضايقتهم في الأُمور المشتركة ، ومنه أن يباشر نقل الماء والنار والأطعمة إلى البيت ليشحّ عن دفع الأُجرة ، أمّا لو كان لكسر نفسه فلا (١).
وقد ذكر جدّي قدسسره في الروضة : أنّه لا يقدح فعل السنن وإن استهجنها العامّة وهجرها الناس ، كالكحل والحنّاء والحنك في بعض البلاد ، وإنّما العبرة بغير الراجح شرعاً (٢). انتهى. ولا يخفى أنّ الرجحان الشرعي وعدمه إذا علما فلا إشكال.
إذا عرفت هذا فاعلم أنّ فعل منافيات المروءة إذا أخلّ بالعدالة إمّا لكونه جزءاً منها أو شرطاً هل يحتاج إلى الندم بعد وقوعها ، والإصرار عليها كالإصرار على الصغائر فتصير كبيرة أم لا؟ لم أقف على مصرّحٍ بشيءٍ من ذلك ، ( وظاهر تعريف العدالة ) (٣) أنْ تكون كالصغائر ، وكونها كبيرة مع الإصرار محل تأمّل.
__________________
(١) المسالك ٢ : ٤٠٢ بتفاوت.
(٢) الروضة ٣ : ١٣٠.
(٣) ما بين القوسين ساقط عن « فض ».