فإنْ قلت : قد ذكر الصدوق ما ينافي ما ذكرت وغير ما قدّمته في أوّل الكتاب ، وهو أنّه في كتاب الحج في باب الطواف ذكر حديثين ، أحدهما متّصل والآخر مرسل ، ثم قال : إنّ الثاني لا أعمل به ؛ لأنه مرسل (١). ولو كان التفاته إلى القرائن لما توجّه الردّ بالإرسال والقبول بعدمه.
قلت : والجواب عن هذا يعلم ممّا ذكرناه ؛ لأنّ التنبيه على إرساله كذكر الوقف في سماعه ونحوه من إرادة زيادة القرائن. ومن هنا يتّضح المعنى الذي ذكرناه في قولهم : فلان أجمع على تصحيح ما يصحّ عنه ، من دون الاكتفاء بتوثيقه ، كما أسلفناه مفصّلاً (٢).
وإذا عرفت هذا فاعلم أنّ ظاهر اقتصار الصدوق على الرواية المذكورة يشعر باتحادها مع الاولى ، وإنْ أمكن أنْ يقال : إنّ التعدد مع اتحاد الراوي اقتضى اقتصار الصدوق على أحدهما.
[ والثالث:] (٣) فيه القاسم ، وهو ابن محمّد الجوهري ، وقد تكرّر القول في حقيقته (٤) ، كعلي بن أبي حمزة (٥). وفي الخبر دلالة على أنّ أبا بصير يقال له أيضاً : أبو محمّد ، كما يفهم من الكشّي (٦) ، فيندفع احتمال السهو في الكنية ، لكن رواية ابن أبي حمزة عن أبي بصير قرينة على أنّه المطعون فيه في معتبر الأخبار كما قدّمناه ، فيفيد الخبر الكنية الأُخرى للمطعون فيه فقط ، فليتأمّل.
__________________
(١) الفقيه ٢ : ٢٤١ / ١١٥٣ ١١٥٥.
(٢) راجع ج ١ ص ٥٩ ٦٢.
(٣) في النسخ : الثاني ، والصحيح ما أثبتناه.
(٤) راجع ج ١ ص ١٧٣٠ ، ٢٧٠ ، ج ٢ ص ١١٦ ، ١٩٩ ، ج ٣ ص ١٠٧ ، ٢٥٦.
(٥) راجع ج ١ ص ١٧٣ ، ٢٥٠ ، ج ٢ ص ١١٧.
(٦) رجال الكشي ١ : ٤٠٤ / ٢٩٦.