ثم إنّ الثاني المبحوث عنه : الظاهر أنّ فاعل « قرأ » فيه للرجل المأموم ؛ والقطع كناية عن عدم قراءة السورة أمّا كاملة أو بعضها. واحتمال أن يعود للإمام والمعنى أنّ الإمام إنْ كان قرأ الفاتحة أجزأ المأموم فيقطع قراءته إن كان قرأ بعيد ، بل لا وجه له إلاّ بغاية التكلف ؛ ولا يخفى أنّ الخبر لا يدلّ على وجوب السورة ولا على عدمه.
والثالث : كما ترى ظاهر الدلالة على الناصب ، وأنّه إذا جهر يجب الإنصات والسماع. وقوله : « واركع » كأنّ المراد به الإتيان بالأفعال والأقوال بقصد الانفراد ، وحينئذٍ يدل على الاكتفاء بقراءة الإمام ظاهراً (١).
والرابع : الكلام فيه كالأوّل والثاني من جهة الإمام ، وظاهره لزوم الإنصات لقراءة الإمام ، وحينئذٍ ينافي ما تقدم من أنّ الآية الخطاب فيها للمؤمنين خلف الإمام في الفريضة ، والوجه في ذلك أنّ مقتضى هذا الخبر الشمول لصلاة المخالف ، وصدق الإمام عليه محل كلام ؛ ويمكن أنْ يقال في الجمع : بأنّه لا مانع من صدق الإمام ظاهراً ؛ أمّا صدق الفريضة فبالنسبة إلى المأموم ، ويجوز بالنسبة إلى الإمام أيضاً.
نعم في ظاهر الخبر المبحوث عنه ما يفيد العموم من حيث قوله : « إذا سمعت كتاب الله » إلى آخره. ولعلّ المراد الخصوص ، واستعمال « إذا » في العموم دائماً محل تأمّل. أو يقال : إنّه لا مانع من العموم في الآية ، والخبر السابق بنوع من التوجيه تقدّم (٢). وحمل الشيخ لهما على القراءة في نفسه لا يخلو من بُعد ، إلاّ أنّه وجه للجمع إنْ ثبت عدم القائل بالإنصات من دون قراءة.
__________________
(١) ليس في « م ».
(٢) في ص ١١٩.