اختلافها في التقدير فيما له مقدّر أيضاً.
هذا كلّه مع عدم تعيين الدلو وكميّته إلى غير ذلك مما هو من شأن المستحبّات ، ويؤيّده الاعتبار ، فإن جعل الكثير مع المادّة أضعف منه بدون مادّة بعيد.
ومما ذكرنا ظهر بطلان القول بوجوب النزح تعبّداً أيضاً ، مع أنّه يلزم تأخير البيان عن وقت الحاجة ظاهراً فيما لم يبيّن المقدار.
حجّة الأوّلين : صحيحة ابن بزيع ، قال : كتبت إلى رجل أسأله أن يسأل أبا الحسن الرضا عليهالسلام عن البئر تكون في المنزل للوضوء ، فيقطر فيها قطرات من بول أو دم ، أو يسقط فيها شيء من عذرة كالبعرة ونحوها ، ما الذي يطهّرها حتّى يحلّ الوضوء منها للصلاة؟ فوقّع عليهالسلام بخطه في كتابي : «ينزح دلاء منها» (١) فإنّها في قوّة أن طهرها بأن ينزح منها دلاء ليطابق السؤال.
وفيه : أنّ الامتثال بالأمر بالجمع المنكّر يحصل بالثلاثة ، ولا يقولون به ، والقول بأنها مقيّدة بغيرها مع أنّها خلاف الأصل يستلزم تأخير البيان عن وقت الحاجة ظاهراً. والظاهر أنّ في الجواب تنبيهاً على الخطأ في السؤال ، ولا تجب المطابقة عموماً.
وصحيحة عليّ بن يقطين (٢) ، ويظهر الجواب عنها مما ذكر ، سيّما ودلالتها أضعف ، وسياقها كالسابقة سياق المستحبات.
وصحيحة عبد الله بن أبي يعفور الناهية عن اغتسال الجنب في البئر وعدم إفساد ماء القوم الإمرة بالتيمّم (٣).
وفيه منع ظاهر ، إذ لا نجاسة في الجنب من حيث إنّه جنب ، سيّما والظاهر أنّ
__________________
(١) الكافي ٣ : ٥ ح ١ ، التهذيب ١ : ٢٤٤ ح ٧٠٥ ، الاستبصار ١ : ٤٤ ح ١٢٤ ، الوسائل ١ : ١٣٠ أبواب الماء المطلق ب ١٤ ح ٢١.
(٢) التهذيب ١ : ٢٣٧ ح ٦٨٦ ، الاستبصار ١ : ٣٧ ح ١٠١ ، الوسائل ١ : ١٣٤ أبواب الماء المطلق ب ١٧ ح ٢ ، عن البئر تقع فيها الحمامة والدجاجة والفأرة أو الكلب أو الهرّة فقال : يجزئك أن تنزح منها دلاءً ، فإنّ ذلك يطهّرها إنّ شاء الله تعالى.
(٣) التهذيب ١ : ١٨٥ ح ٥٣٥ ، الوسائل ١ : ١٣٠ أبواب الماء المطلق ب ١٤ ح ٢٢.