وأمّا ما يقال : من أنّ الوجوب للغير معناه أنّ تاركه يعاقب لاستلزامه ترك ذلك الغير ، فلا يُفهم منه معنى إلّا الشرطيّة (١) ، فإنّ ترك الشرط يستلزم بطلان المشروط ، فلم يبقَ لفرقهم بينهما وجه ، وكلماتهم كما ترى تُنادي بالتفرقة.
وممّا يؤيّد ذلك : ما سنذكر في استحباب الوضوء للتأهّب (٢) للفريضة فلاحظ ، ووجوب قصد القربة في النيّة وعدم اشتراطها به عند السيد رحمهالله ، فإنّ الظاهر أنه لا ينكر الوجوب في النيّة (٣).
فأمّا الدليل على وجوب الوضوء للصلاة فهو الإجماع ، بل الضرورة ، والأخبار الكثيرة المعتبرة.
وكذلك اشتراطها به إجماعيّ ، مدلول عليه بالأخبار ، مثل قوله عليهالسلام في الصحيح «لا صلاة إلّا بطهور» (٤) فإن أقرب مجازاته نفي الصحّة ، وفي معناه أخبار كثيرة. وبعد ثبوت الاشتراط يثبت دليل آخر على الوجوب ، بناءً على وجوب المقدّمة أيضاً.
وأمّا الطّواف ، فوجوبه له أيضاً إجماعيّ ، كما نقله جماعة (٥). وتدلّ عليه الأخبار ، منها صحيحة محمّد بن مسلم : عن رجلٍ طافَ طواف الفريضة وهو على غير طَهور ، فقال : «يتوضّأ ويعيد طوافه ، وإن كان تطوّعاً توضّأ وصلّى ركعتين» (٦)
__________________
(١) في «ز» زيادة : بل مع وجوب المشروط.
(٢) في «ز» زيادة : ففيه الاشتراط للوجوب.
(٣) الانتصار : ١٧.
(٤) التهذيب ١ : ٤٩ ح ١٤٤ ، وص ٢٠٩ ح ٦٠٥ ، وج ٢ : ١٤٠ ح ٥٤٥ ، الاستبصار ١ : ٥٥ ح ١٦٠ ، الوسائل ١ : ٢٥٦ أبواب الوضوء ب ١ ح ١.
(٥) منهم الشيخ في الخلاف ٢ : ٣٢٢ ، وابن زهرة في الغنية (الجوامع الفقهيّة) : ٥٧٨ ، والعلامة في المنتهي (الطبعة الحجريّة) ٢ :. ٦٩.
(٦) الكافي ٣ : ٣٣ ح ١ ، وفي التهذيب ١ : ١٠٢ ح ٢٦٨ بتفاوت ، الوسائل ١ : ١٧٦ أبواب نواقض الوضوء ب ١ ح ٧.