الثامن : يطهر القليل بأُمور :
الأوّل : إلقاء الكرّ عليه دفعة عرفيّة ، وهو في الجملة إجماعيّ. ولكن الكلام في اشتراط الممازجة وعدمه ، واعتبار الدفعة وعدمه.
أما الأوّل ؛ فالأقوى فيه : نعم ، لكونه اتفاقيّاً ، ولم تثبت كفاية مجرّد الاتّصال ، ولأنه لا ريب في أنّ الكرّ إذا وقعت فيه النجاسة وشاعت فيه لا يجب الاجتناب عنه ولا عن شيء من أجزائه ، إلّا إذا تغيّر ، وذلك مستلزم لإلغاء حكمها حينئذٍ ، فكذلك الماء النجس ، بل هو أولى بذلك ، بل نقول : إنّ «شيئاً» في قوله عليهالسلام : «إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء» نكرة في سياق النفي فيشمل المتنجّس ، ومقتضى الرواية إلغاء حكم الملاقي.
لا يقال : إنّه معارض بمفهومه ، ولا وجه للترجيح.
لأنا نقول : تساقطهما يفيد المطلوب أيضاً ، وإعمالهما معاً غير ممكن بأن يجتنب عنه في المشروط بالطهارة ، ولا يحكم بنجاسة الملاقي ، لعدم القائل بالفصل ، فمن قال بطهارة الملاقي قال بجواز الطهارة به ، مع أنّ المنطوق أقوى دلالةً واعتضاداً كما لا يخفى.
واحتجّ من قال بكفاية الاتصال (١) بالأصل. وبعدم تحقّق الامتزاج ، لعدم حصول العلم به لو أُريد الحقيقي ، ولزوم الاكتفاء بالاتصال في البعض إن أُريد الامتزاج في الجملة. وبأن الأجزاء الملاقية للمطهّر تطهر بالملاقاة ، فيطهر ما يليها بالاتّصال بها ، وهكذا.
والجواب عن الأوّل : أنّه قد ارتفع بالنجاسة ، وأصالة عدم الاشتراط معارضة بأصالة بقاء النجاسة ، وأصالة عدم تحقّق المطهّر الشرعيّ
__________________
(١) روض الجنان : ١٣٨.