وذلك لأنّ الميرزا كان قليل الحافظة جدّاً ، ولا بدع له في ذلك ، لما ورد في النبوي المشهور «إنّ أقلّ ما أُوتيت هذه الأُمة قلّة الحافظة».
وحُكي عنهما أيضاً أنّ في مجلس من مجالس الجدل بينهما ، جعل السيد يتجلّد على الميرزا رافعاً صوته عليه ، جاثياً إليه بركبتيه ويقول له : قل حتّى أقول ، فأجابه الميرزا بصوتٍ منخفض : اكتب حتّى أكتب.
وقيل : إنّ أُصول السيد يرجح على فقهه ، وهو مسلّم عند العرب والعجم ، بل مطلق البلاد الإسلاميّة ، بينما كان فقه الميرزا يرجح على أُصوله ، ولكن اشتهر من تأليفهما ما هو العكس ، فاشتهر كتاب السيد في الفقه يعني كتاب الرياض بينما كان كتاب القوانين للميرزا في الأُصول من الشهرة كالشمس في رائعة النهار.
وفي الروضات نقل : أنّ صاحب القوانين كان أفضل من صاحب الرياض في الفقه ، فاشتهر كتابه في الأُصول ، وصاحب الرياض كان أفضل منه في الأُصول ، فاشتهر كتابه في الفقه.
وقيل : إنّ وفاتهما كانت في عام واحد كما وقع نظير ذلك بالنسبة إلى الشاعرين المتخاصمين في حياتهما : الفرزدق وجرير ، بل نظير ذلك التوافق في وفيات المتشاحنين.
ولمّا جاء السيد محمّد المجاهد ابن صاحب الرياض إلى قم وكان عالماً ، فدعاه مع مجموعة من العلماء الميرزا القمي وكان قد كبر وصار شيخاً طاعناً ، فلمّا جاؤا جرت بينه وبينهم مناقشات ، فقال لهم : إنّما كان هدفي من إحضاركم هو امتحان نفسي واختبارها ، لأنّي قد كبرت وضعفت قواي ، فأحببت أن أتكلّم معكم حتّى أرى هل بقيت عندي ملكة الاستنباط وقوّة الاجتهاد أم ضعفت. فقال السيد محمّد المجاهد : إذا كانت ملكة الاستنباط هي هذه التي عندك ، فأنا وأمثالي لا نملك ملكة الاستنباط إذن.
الميرزا القمي وفتحعلي شاه
كان ورود الميرزا القمي إلى قم أيام السلطان فتحعلي شاه القاجار ، وكان السلطان