والأوّل لا يمكن الاعتماد عليه في المقام ، والثاني قياس ، والثالث غير معلوم ، فإنّ الأمر بالغسل إنّما هو في الثوب والبدن والأواني وبعض الموارد المخصوصة التي ليس ما نحن فيه منها ، إلّا أن يتشبث بمثل عموم : «الماء يطهر».
وظنّي أنّه لا إشكال في تطهير مثل الفواكه الصلبة مثل التفّاح والكمّثرى والسفرجل وبعض أفراد البطيخ بعد القطع بالقليل أيضاً ، لانفصال الغُسالة عنها عرفاً ، ولبطلان السراية.
نعم يشكل في مثل حبّ العنب المقطوع ، وما يتليّن من المباطخ والخوخ والمشمش ونحو ذلك إلى أن يخرج إلى حد المضاف فيندرج فيما يأتي.
وأما مثل اللحم وألية الضأن ونحوهما ، فالظاهر جواز التطهير بالقليل ، وفي خصوص تطهير اللحم الذي ينجس في المرق بموت الفأرة أو بمسكر روايتان معمولتان (١) ، ولكن يشكل فيما يشرب الماء النجس إلّا أن يعلم وصول الماء إلى أعماقه ، ولا تدل الروايتان صريحاً على هذه الصورة (٢) ، بل الظاهر تنزيلهما على ما لم يعلم مكث النجس في المرق كثيراً أو غليه معه ، ولا يبعد دعوى ظهورهما في ذلك أيضاً.
أما تطهيرهما في الكثير بعد التشرّب أيضاً فالظاهر عدم الإشكال فيه ، وعدم لزوم العصر أيضاً.
الثالث : المشهور بين الأصحاب عدم جواز تطهير المائعات النجسة إلّا الماء ، وإن قيل إنّه أيضاً ليس بتطهير له ، لعدم بقائه قائماً بحاله متميزاً ، والمتبادر من التطهير هو
__________________
(١) انظر الوسائل ٢ : ١٠٥٦ أبواب النجاسات ب ٣٨ ح ٨ ، وج ١٦ : ٤٦٣ أبواب الأطعمة المحرّمة ب ٤٤ ح ١.
(٢) ويمكن أن يقال : إنّ إطلاق الروايتين مؤيّد للقول بجواز الغسل في المركن مع ورود النجاسة على الماء أيضاً كما مرّ ، فيجوز تطهير اللحم بالقليل مطلقاً ، وفي صورة أن يلقى اللحم النجس في المركن الذي فيه الماء ويبقى فيه حتى يحصل العلم بوصول الماء إلى أعماقه ثم يفرغ منه الماء ، ثم يفعل به كذلك ثانياً ، ومن ذلك تظهر قوّة القول بحصول التطهير وإن لم يقصد في الصورة التي ذكرناها في تطهير الأوّل له واستشكلنا فيها ، ولا بدّ من التأمّل فإنّ المقام لا يصفو عن الإشكال (منه رحمهالله).