والحاصل أنّ وجوب الوضوء معلّق على نفس الماء ، ووجوب التيمّم على عدم وجدان الماء ، فإن كان المراد بالتعليق في التيمّم أيضاً هو عدم وجدان الماء في نفس الأمر ، فيتساويان في الاحتمال ، ويجبان معاً ، لإبراء (١) الذمّة.
وكذلك إن استفدنا من مفهوم التعليق في التيمّم على عدم وجدان الماء : التعليق في الوضوء على وجدانه أيضاً ، وإن قلنا حينئذٍ إنّ الظاهر من التعليق على وجدان الماء في الوضوء ، وعلى عدمه في التيمّم ، هو ما لو علم بالوجدان أو ظنّ به ، فإنّهما منتفيان فيما نحن فيه ، فلا علم ولا ظنّ بوجدان الماء ولا بعدمه ، فيتساقطان معاً ، ولما كان من البديهي بقاء التكليف بطهارة ، والأمر منحصر فيهما ، فيجبان معاً لتحصيل البراءة ، وربما يحتمل التخيير ، لأصل البراءة ، كما في بعض نظائره ، والأحوط ، بل الأظهر ما عليه الأصحاب.
الرابع : تجب المباشرة بنفسه في حال الاختيار للإجماع ، نقله جماعة من الأصحاب (٢) ، ولظاهر الأوامر ، ولفحوى قوله تعالى (وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) (٣) على ما ورد تفسيره في حسنة الوشّاء (٤) وغيرها. وعن ابن الجنيد جواز تولية الغير (٥) ، وهو ضعيف.
وأما في حال الاضطرار فتجوز توليته بمعنى وجوبها إجماعاً ، نقله الفاضلان في المعتبر والمنتهى (٦) ، والأحوط نيّتهما معاً.
__________________
(١) في «ز» : ويجبان مع الإبراء.
(٢) كالسيّد في الانتصار : ٢٩ ، قال : إنّه مما انفردت به الإماميّة ، والعلامة في المنتهي ٢ : ١٣٢.
(٣) الكهف : ١١٠.
(٤) الكافي ٣ : ٦٩ ح ١ ، التهذيب ١ : ٣٦٥ ح ١١٠٧ ، الوسائل ١ : ٣٣٥ أبواب الوضوء ب ٤٧ ح ١.
(٥) نقله عنه في المختلف ١ : ٣٠١.
(٦) المعتبر ١ : ١٧٥ ، المنتهي ٢ : ١٣٣.