وما نقل عن جماعة من اللغويين معارض بما نقل عن جماعة اخرى أنّ معنى عدم الحمل هو الدفع ، وهو المتبادر ، فإنّ معنى فلان لا يحمل الضيم : يأباه (١) ، مع أنّ مقتضى الشرطيّة أنّ بعد البلوغ لا يظهر فيه الخبث ، والظاهر منه أنّ الماء الخالي عن الخبث إذا بلغ كرّاً لم يحمل خبثاً ، ولو فرض له إطلاق أو عموم فهو مخصّص بما تقدّم.
الخامس : تطهيره بماء المطر وقد مرّ.
التاسع : ظاهر فتوى الأصحاب عدم التفرقة في طرق التطهير بين القليل والكثير.
ويشكل فيما لو اجتمع ألف كرّ من ماء نجس مثلاً وأُلقي عليه كرّ واحد ، فإنّه يستهلك في النجس ، وتوجيهه أن يقال : إنّ الأصل في ذلك الكرّ عدم الانفصال حتّى تحصل منه الممازجة المطهرة بمقدار كرّ آخر مثلاً ، ثم تحصل من المجموع الممازجة المعتبرة لآخر ، وهكذا. فإذا حصل تمازج مجموع ذلك الماء المجتمع بعضه مع بعض فيحصل التطهير للجميع ، والكلام الذي يقرب من التصريح بذلك من جملة كلماتهم هو ما ذكروه في حكم المتغيّر بإلقاء كرّ فكرّ حتّى يزول التغيّر.
ثم إنّ الكثير إذا تغيّر فإما أن يبقى مقدار كرّ منه متّصل غير متغيّر ، أو لا. والمحتاج إلى الخارج إنّما هو الصورة الأخيرة ، وأما الاولى فالمعروف بين الأصحاب كفاية زوال التغيّر بالتموّج وحصول الامتزاج بذلك مع عدم حصول العلم بانقطاعه أو تغيّر
__________________
(١) قال في القاموس ٣ : ٣٦٢ وحمل الخبث أظهره قيل ومنه لم يحمل خبثاً أي لم يظهر فيه الخبث. وقال في نهاية ابن الأثير ١ : ٤٤٤ لم يحمل خبثاً لم يظهره ولم يغلب الخبث عليه من قولهم فلان يحمل غضبه أي لا يظهره ، وقيل معنى لم يحمل خبثاً أنّه يدفعه عن نفسه كما يقال فلان لا يحمل الضيم إذا كان يأباه ويدفعه عن نفسه. وفي المجمل لابن الفارس ١ : ٢٥٣ ، أنّ المراد لم يظهر فيه الخبث قالوا وتقول العرب فلان يحمل غضبه أي يظهر غضبه.