وإلا فيجب بقاء كرّ غير متغيّر بعد رفع التغيّر كما أشرنا.
الثالث : تطهيره بالجاري ، ولا إشكال فيه إذا استولى عليه ومازجه وقهره ، أو بعد إزالة التغيّر أيضاً إن كان متغيّراً.
وأما مجرّد الاتّصال ، فالأظهر عدم التطهير لما مرّ.
ومثله الجاري عن مادّة كماء الحمّام ، ولكنه يعتبر بقاء المادّة بمقدار الكرّ بعد المزج والقهر ، فإنّ المعتمد هنا هو التقوّي بالمادّة ، لا كونه كرّاً من ماء ، لما أشرنا إليه من اعتبار تساوي السطوح في عدم الانفعال ، والمادّة هنا بمنزلة المنبع في النابع من الأرض.
وقد مرّ وجه اشتراط الكرّيّة في المادّة حين الملاقاة ، فلا بدّ من الاعتماد على المادّة حتّى يحصل تمام التطهير ، فلو نقص قبل تمام المزج عن الكرّ فيصدق عليه أنّه قليل لاقى النجاسة. وهذا فيما كانت المادّة أعلى ظاهر.
وأما في صورة التساوي ، فالأقوى أنّه يطهر مع الجريان والممازجة ، واكتفى بعضهم كالعلامة في المنتهي بمجرّد الاتّصال ، كما اختاره في صورة إلقاء الكرّ (١).
والفرق بين هذه الصورة وسابقتها أنّه لا يعتبر ههنا كون المطهّر أزيد من الكرّ ، لأنّه يندرج تحت قوله عليهالسلام : «إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء» فيثبت التطهير بالتقريب المتقدّم في إلقاء الكرّ ، كما أنّه يثبت في السابقة من جهة ما دلّ على عدم تنجّس الجاري عن مادّة مما مرّ في ماء الحمّام بذلك التقريب بعينه ، وإن أمكن جريان هذه الطريقة في الصورة الأخيرة أيضاً لو كان المطهّر أزيد.
وأما لو كان المطهّر أسفل ، فلو كان فورانه من تحت القليل مع صدق الوحدة عليهما عرفاً ، بأن يكون القراران متوازيين ، وكان الفوران داخل الماء لا كالفوّارات المتعارفة التي يَثِب الماء منها إلى الهواء ، ثم يرجع ، فيمكن إجراء الطريقتين فيه.
__________________
(١) المنتهي ١ : ٢٩.