الانحدار الغير المفرط ، مع أنّهم في هذا المقام ليسوا في صدد بيان حكم المسألة باعتبار الكرّيّة والاتّحاد ، بل غرضهم بيان ما يتعلّق بالجاري. وأما مسألة الغديرين فهي ظاهرة في كلامهم في المتساوي ، فلاحظ المعتبر والمنتهى والتحرير وصريح التذكرة (١).
والتحقيق أنّ ههنا مقامين ، أحدهما : إنّ عدم تنجّس الماء الذي هو بمقدار الكرّ من حيث إنّه كرّ مشروط باتصال أجزائه واتّحادها عرفاً ، أو يكفي مطلق الاتصال.
وثانيهما : إنّ الماء القليل إذا اتصل بالكرّ أو الجاري ، هل يشترط في تقوّية بهما وعدم تنجّسه مساواة سطحيهما أم لا؟ وقد يجتمع الاعتباران.
والحقّ في الأوّل الأوّل ، وفي الثاني الثاني ، لكن مع علو الجاري أو الكثير. ووجه الأوّل ما ذكرنا ، ووجه الثاني مضافاً إلى صدق الوحدة أيضاً في بعض أفراده كما إذا كان العالي هو الجاري كلّ ما ورد في ماء الحمّام كما سيجيء ، وصحيحة محمّد بن إسماعيل بن بزيع (٢) ، والكلام في ماء الحمّام من المقام الثاني ، واستثناؤهم ماء الحمّام من أعظم الشواهد على أنّه لا يعدّ هذا القليل متّحداً مع الكثير ، ولذلك ألحقوه بالجاري.
وقد اختلط المقام على كثيرٍ منهم ، فربما قيل باشتراط استواء السطوح ، وأن استثناء الحمّام من هذا الحكم بسبب الأخبار ولزوم الحرج. وربما قيل إنّ الاكتفاء بكون ماء الحمّام مع المادّة كرّاً كما ذكره بعضهم (٣) لأجل عدم اعتبار استواء ونحو هذا.
ومن تأمّل فيما ذكرنا بعين الإنصاف ، وفرّق بين المقامين لا يشتبه عليه الأمر ،
__________________
(١) المعتبر ١ : ٥٠ ، المنتهي ١ : ٥٣ ، التحرير ١ : ٤ ، التذكرة ١ : ٢٣.
(٢) التهذيب ١ : ٢٣٤ ح ٦٧٦ ، الوسائل ١ : ١٢٧ أبواب الماء المطلق ب ١٤ ح ٧ ، ماء البئر واسع لا يفسده شيء إلّا أن يتغيّر ريحه وطعمه فينزح منه حتّى يذهب الريح ويطيب طعمه لأنّ له مادّة.
(٣) نقله عن والده في المعالم : ١٥.