الثاني : في الحيض.
وفيه أبحاث :
الأوّل : قد يطلق الحيض ويُراد به : الحالة المانعة عن الصلاة المعهودة.
وقد يُراد به نفس الدم المعهود ، وهو دم تعتاده المرأة في كلّ شهر غالباً ، مخلوق في رحمها لأجل مصالح ، منها تغذية الجنين به وحفظه له ، باكتنافه إيّاه وصيرورته لبناً وغذاءً له بعد الوضع ، كما يستفاد من الأخبار والتجربة والاعتبار.
والاستحاضة إنّما تكون من عَرَض ومرض ، فالأصل عدم كون الدم الخارج عن المرأة غير الحيض ، لأصالة الصحّة ، وعدم عروض العَرَض.
وهو في الأغلب حار ، عبيط ، أسود ، له دفع وحرقة ، كما يستفاد من الأخبار (١) ، ويخرج من الطرف الأيسر على الأظهر ، للخبر المعتضد بالتجربة (٢) والفقه الرضوي (٣).
ولما كان أغلب أحكام الشرع من باب سدّ الأبواب وحماية الحمى ، فجعل لذلك حدّا محدوداً ، لتتناسق الأحكام المعلّقة عليه ، فجعل لأقلّه وأكثره حدّا ، ولتحقّقه شرائط. فما أمكن أن يكون حيضاً من جهة عدم المانع وحصول الشرائط فهو حيض ، وهو مجمع عليه ، على ما نصّ عليه الفاضلان (٤) ، ومطابق للأصل والاعتبار ، ومستفاد من تتبع الأخبار.
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٥٣٧ أبواب الحيض ب ٣ ح ١.
(٢) محمّد بن يحيى رفعه عن أبان قال : قلت لأبي عبد الله (ع) فتاة منّا بها قرحة في جوفها والدم سائل لا تدري من دم الحيض أو من دم القرحة؟ فقال : مرها فلتستلق على ظهرها ثم ترفع رجليها وتستدخل إصبعها الوسطى فإن خرج الدم من الجانب الأيسر فهو الحيض وإن خرج من الجانب الأيمن فهو من القرحة. التهذيب ١ : ٣٨٥ ح ١١٨٥ ، الوسائل ٢ : ٥٦٠ أبواب الحيض ب ١٦ ح ١. وعكسه في الكافي ٣ : ٩٤ ح ٣.
(٣) فقه الرضا (ع) : ١٩٣.
(٤) المحقّق في المعتبر ١ : ٢٠٣ ، والعلامة في المنتهي ٢ : ٢٨٧.