الحادي عشر : تطهّر النار ما أحالته رماداً من الأعيان النجسة للإجماع المنقول في الخلاف (١) ، وصحيحة الحسن بن محبوب : أنّه سأل أبا الحسن عليهالسلام عن الجص يوقد عليه بالعذرة وعظام الموتى ويجصّص به المسجد ، أيسجد عليه؟ فكتب إليه بخطه : «إنّ الماء والنار قد طهّراه» (٢).
والأظهر أنّ المراد من تطهير الماء هو التطهير بماء المطر وغيره عما يتوهّم وصوله إليه من النجاسات من غير جهة العذرة أيضاً ، لئلا يلزم استعمال اللفظ في المعنيين الحقيقي والمجازي.
ويدلّ على المطلوب من باب الإشارة أيضاً حيث لم يمنع عن تجصيص المسجد به ، وحينئذٍ فيمكن حمل التطهير فيها على المعنى المجازي ، أعني التنظيف.
وأما إرادة التطهير من نجاسة العذرة بالماء الذي يمزج بالجص فلا تستقيم إجماعاً كما نقله في المعتبر (٣) ويدلّ عليه أيضاً أنّ الأحكام تابعة للأسامي.
وكذلك الكلام في الدخان ، ويظهر من المعتبر الإجماع أيضاً ، وعن المبسوط القول بنجاسة دخان الدهن النجس ، لتصاعد الأجزاء الدهنيّة قبل الإحالة بواسطة السخونة (٤). وفيه تأمّل واضح فيما لم يحصل العلم بذلك ، وأنّى يحصل؟ هذا الكلام في الأعيان النجسة.
وأما المتنجّسة ، فألحقه بعضهم بالنجس ، نظراً إلى الأولويّة (٥) ، وفيه تأمّل. نعم الأظهر عدم نجاسة ملاقية رطباً ، للأصل والاستصحاب.
__________________
(١) الخلاف ١ : ٤٩٩ مسألة ٢٣٩ ، ويظهر أيضاً من المبسوط ٦ : ٢٨٣.
(٢) التهذيب ٢ : ٢٣٥ ح ٩٢٨ ، الفقيه ١ : ١٧٥ ح ٨٢٩ ، الوسائل ٢ : ١٠٩٩ أبواب النجاسات ب ٨١ ح ١.
(٣) المعتبر ١ : ٤٥٢.
(٤) المبسوط ٦ : ٢٨٣ ، قال : ورووا أصحابنا أنّه يستصبح به تحت السماء دون السقف ، وهذا يدلّ على أنّ دخانه نجس. ولكن قال بعده : الأقوى عندي أنّه ليس بنجس.
(٥) معالم الفقه : ٤٠٣ ، ونقله عنه في الحدائق ٥ : ٤٦٢.