لا يقال : عطف الخاص على العام إنّما يكون لنكتة ، فعطف طعامهم على الطيّبات إنّما يتمّ إذا حمل على العموم ، وإلّا فالحبوب من الطيّبات ، ولا وجه لأفرادها.
لأنّا نقول : مظنّة مباشرتهم له رطباً سيّما في حال الرض والتصفية لما أوهم خروجها من الطيبة أدخلها بعطفها على الطيبات.
مع أنّا نقول : حليّة طعامهم من حيث إنّه طعامهم لا ينافي نجاسته من جهة مباشرتهم ، كما أنّ حرمة عقد نسائهم دواماً إنّما هو من جهة أنّها نساؤهم.
وأما الأخبار ، فهي محمولة على التقيّة ، لموافقتها للعامّة ، سيّما والقائل بها من الأصحاب ابن الجنيد والذي أغلب فتاويه موافق لهم ، ويلوح ذلك من خصوص حسنة الكاهلي (١) ، وصحيحة إسماعيل بن جابر (٢) وغيرهما.
وهذه الأخبار كلّما ازدادت عدداً وسنداً ودلالة مع هجر معظم الأصحاب إيّاها ازدادت ضعفاً. خصوصاً مع عملهم على ما هو أقلّ منها عدداً وسنداً ودلالة.
ثم ما مرّ من الكافر هو ما قابل المسلم ، وهو من أنكر أحد الأُصول الثلاثة : التوحيد والنبوّة والمعاد ، بل الأصلين الأوّلين ، فإنّ الثالث يرجع إلى إنكار الأوّلين ، لكونه إنكاراً للبديهي من الدين ، بل جميع الأديان ، وكلّ منكر للبديهي منه كافر ، لأنّه يرجع إلى إنكار المخبر عنه أو صدقه.
فعلى هذا يكون الخارجي والناصبي كفّاراً منتحلين للإسلام ، ولا خلاف في نجاستهم ، وفي عدّة أخبار النهي عن الاغتسال بغُسالة الحمّام معلّلاً بأنّ فيها غُسالة
__________________
(١) الكافي ٦ : ٢٦٣ ح ٤ ، التهذيب ٩ : ٨٨ ح ٣٧٠ ، الوسائل ١٦ : ٤٧٣ أبواب الأطعمة المحرّمة ب ٥٣ ح ٢ ، ففيها : أما أنا فلا أؤاكل المجوسيّ ، وأكره أن أُحرّم عليكم شيئاً تصنعونه في بلادكم.
(٢) الكافي ٦ : ٢٦٤ ح ٩ ، التهذيب ٩ : ٨٧ ح ٣٦٨ ، المحاسن : ٤٥٤ ح ٣٧٧ ، الوسائل ١٦ : ٤٧٦ أبواب الأطعمة المحرّمة ب ٥٤ ح ٤ ، فإنّ فيها : عن طعام أهل الكتاب فقال : لا تأكله ، ثم سكت هُنيئة ثم قال : لا تأكله ، ثم سكت هُنيئة ثم قال : لا تأكله ولا تتركه ، إلى آخر الحديث.