كما مرّ في المسح.
أقول : ولعلّهم فهموا من الروايات اعتبار زمان يحصل فيه الجفاف ، فيكون الجفاف كناية عن مرور زمان يحصل معه الجفاف (١) ، بأن يكون المضرّ هي الفاصلة ، والجفاف وعدمه علامة لتحقّقه ، فحينئذٍ يُحمل على الأفراد المتعارفة ، وهي المعتدلة ، كما في نظائره. واستخراج ذلك من الرواية دونه خرط القتاد.
وأما على ما اخترناه من تقديم اعتبار التتابع العرفي سيّما مع حمل الأخبار المعارضة (٢) على ما لم يحصل التراخي بما يصحّ معه سلب الاسم فيسهل الخطب والله العالم.
الثالث : يشترط في ماء الوضوء أُمور :
الأوّل : أن يكون جائز التصرّف ، بأن يكون مباح الأصل ، كالمياه التي لم يحزها أحد قبله ، أو مملوكاً له بحيازة أو شراء أو استنباط ، أو مأذوناً فيه صريحاً أو فحوى أو بشاهد حال.
وفُسّر شاهد الحال : بما إذا كان هناك أمارة تشهد بأنّ المالك لا يكره. وظاهر ذلك كفاية الظنّ برضاه ، وعن ظاهر كثير من الأصحاب اعتبار العلم ، والأوّل أوفق بعمومات الأدلّة الاتية ، وحصول العلم في غاية الندرة. مع أنّا نراهم يحكمون بجواز الصلاة في الصحاري والأرحبة وغيرها بلا خلاف بينهم ، مع أنّه لا يحصل في الأغلب فيها إلّا الظنّ.
ولعلّ مراد من يظهر منه اعتبار العلم : هو الذي يتسامحون في إطلاق العلم عليه في العرف ، ولو نقّب ودقّق فيه ، بل لو شكك فيه بأدنى تشكيك يزول الظنّ به ، فضلاً
__________________
(١) في «م» : جفاف.
(٢) في «ز» : المتعارضة ، وفي «م» : أخبار المعارضة.