وظاهر الفقهاء عدم الفرق بين وقوع ميت الإنسان في البئر أو موته في البئر بعد وقوعه وليس بذلك البعيد ، ولا تنافيه الرواية أيضاً ، وإن كان ظاهرها الموت فيه ، فإنّه وارد مورد الغالب.
ثم : إنّ الظاهر أنّ اعتماد ابن إدريس على الإجماع ، لا على أنّ حكم ما لا نصّ فيه نزح الجميع كما يظهر من كلامه ، ودعوى الإجماع في غاية البُعد مع انفراده بالفتوى على الظاهر.
وحيث عرفت ضعف دلالة الرواية على حكم النجاسة الكفريّة وصعوبة الاعتماد على نقل إجماع ابن إدريس ، فلا بد من إرجاع حكمه إلى ما لا نصّ فيه.
وأما حكم مباشرة الكافر حيّاً ؛ فلو سلّمنا عموم الرواية للكافر كما فهمه الأصحاب ، فيمكن استفادة حكمه من باب الإشارة من الرواية ، وأنّ حكمها لا يزيد على موته فيه ، فإنّ الموت يزيد النجاسة ، فلا يجب للأقلّ أكثر مما يجب للأزيد ، ولكن الاعتماد على ذلك أيضاً لا يخلو عن إشكال. وإن لم نسلّم فيدخل تحت ما لا نص فيه أيضاً.
وكيف كان فالأمر على ما اخترناه من عدم الانفعال سهل ، والاحتياط على الطريقة الأُخرى واضح.
الرابعة : ذهب الشيخان (١) والمرتضى(٢) إلى وجوب خمسين للعذرة الرطبة والذائبة وعشر لليابسة.
وقال الصدوق : للعذرة عشر ، فإن ذابت فأربعون أو خمسون (٣) ، واختاره المحقّق (٤) ، وهو الأظهر ، لرواية أبي بصير ، عن الصادق عليهالسلام قال : سألته عن
__________________
(١) الشيخ المفيد في المقنعة : ٦٧ والشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ١٢ ، والنهاية : ٧.
(٢) نقله عنه في المعتبر ١ : ٦٥.
(٣) المقنع (الجوامع الفقهيّة) : ٤.
(٤) المعتبر ١ : ٦٥.