ومما ذكرنا ظهر أنّ القول «باشتراط قصد الوجه والتعليل به معاً منضمّاً إلى نيّة التقرّب كما يظهر من بعض الأصحاب (١)» في غاية البعد.
ولا دليل لاعتبار سائر القيود يعتدّ به ، إلّا ظاهر قوله تعالى (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) (٢) الآية بناءً على ما تقدّم من أنّ الظاهر منه كون الشرط غرضاً للجزاء ، وأنّ قصد رفع الحدث مستلزم لإباحة الصلاة ، فيتخير بينهما.
أو أنّ استلزام رفع الحدث للاستباحة لا يستلزم كون الوضوء المنوي (٣) فيه رفع الحدث مقصوداً فيه الاستباحة كما هو مدلول الآية ، فيتعين قصد الاستباحة (٤).
أو أنّ كون الوضوء واجباً للصلاة لا يستلزم وجوب قصد ذلك ، فإنّ المراد : أنّ الوضوء واجب للصلاة ، لا أنّ الوضوء الكائن للصلاة واجب ، فيثبت عدم اشتراط شيء منها (٥).
واكتفى بعض من اشترط قصد الاستباحة في الوضوء للصلاة الواجبة باستباحة أيّ مشروط كان وإن لم يكن فعله ممكناً (٦). وهذا وهن في وهن.
وقد استدلّ على الجمع بينهما : بأنّ الحدث مانع ، فيجب رفعه ، وأنّ الاستباحة وجه لذلك الرفع ، فيجبان.
وفيه : أنّ وجوب الأوّل لا يستلزم وجوب قصده ، وكذلك كون الثاني وجهاً للأوّل.
__________________
(١) التذكرة ١ : ١٤٠ ، جامع المقاصد ١ : ٢٠١.
(٢) المائدة : ٦٠.
(٣) في «ز» : منوي.
(٤) لعدم انطباقه على مقتضى دليلهم المقدوح فيه ، ففيه وهنان (منه رحمهالله).
(٥) في «م» «ح» : منهما.
(٦) قال في جامع المقاصد ١ : ٢٠٢ بعد نقل قول العلامة في القواعد (أو استباحة فعل مشروط بالطهارة) قال : وتنكيره يشعر بأنّ المراد الاجتزاء بنيّة استباحة أيّ مشروط اتفق ، فلو نوى استباحة الطواف وهو بالعراق مثلاً صحّ كما يحكى عن ولد المصنف ، وصرّح به شيخنا الشهيد في البيان. انظر البيان : ٤٤.