الكرّ ، وفي الجاري إشكال ، ولا يبعد القول به ، لصدق الجاري. مع إمكان القول به في الكثير أيضاً ، لاندارجه في المقام الثاني من المقامين المتقدّمين في الكرّ ، وتنبّه صحيحة محمّد بن إسماعيل وغيرها عليه ، وليس ببعيد.
وأما نجاسته إذا تغيّر أحد أوصافه ، فبالإجماع ، والأخبار المستفيضة (١) ، وقد مرت الإشارة إليها. والكلام في التغيّر وأحكامه.
ثم إن تغيّر الجميع فلا ريب في نجاسة الجميع ، وإن تغيّر بعضه فإن قطع عمود الماء وهو ما بين حافّتيه فينجس المتغيّر وما تحته إن لم يكن كرّاً ، ويبقى ما تحته على الطهارة إن كان كرّاً متساوي السطوح أو منحدرة كما مرّ ، وأما ما فوقه فيبقى على الطهارة مطلقاً على الأقوى.
وقد يستشكل في الحكم الأوّل : بأنّه لم ينقطع عمّا فوق فلا يدخل في القليل ، فإنّ الماء يجري إلى ما تحت ، ولا يضره توسّط ماء نجس ، والأصل الطهارة.
وفيه : أنّه لو سلب الإطلاق بسبب التغيّر فلا ريب في الانقطاع ، ولا قائل بالفصل. مع أنّ الظاهر أنّ المتبادر من الأدلة والمستفاد من العلّة وهو الاستمداد من المادّة هو الاتصال بالمنبع ظاهراً ، مع أنّ الظاهر أنّه لا خلاف في المسألة.
تذنيب :
الظاهر من كلام جماعة من الأصحاب منهم العلامة مع قوله باشتراط الكرّيّة في الجاري : عدم نجاسة ما فوق النجاسة من الجاري ، وإن لم يكن كرّاً ، وإن كان الجاري لا عن مادّة (٢) ، ولكن الظاهر أنّ الإطلاق في الجاري لا عن مادّة وعلى القول باشتراط الكرّيّة مطلقاً إنّما هو فيما لو كان منحدراً ، ولم أجد خلاف ذلك في كلامهم ، وذلك لأنّه يدفع النجاسة عمّا فوق بتدافعه.
__________________
(١) الوسائل ١ : ١٠٢ أبواب الماء المطلق ب ٣.
(٢) المنتهي ١ : ٢٩ ، جامع المقاصد ١ : ١١١.