وعن الثاني : بأنّ المراد هو الامتزاج العرفي الحاصل بامتزاج أكثر الأجزاء ، والإجماع دلّ على كفايته.
وعن الثالث : بمنع طهارة ما يلي الأجزاء الملاقية للمطهّر ، والقدر المسلّم هو طهارة السطح الملاقي لا الأجزاء الجسميّة ، وإصابة المطهّر شرط في التطهير ، والاكتفاء بإصابة البعض في الامتزاج بالإجماع لا يوجب كفايته مطلقاً (١).
وأما الثاني ؛ فالأقوى فيه أيضاً اعتباره ، للاتفاق على كونه مطهّراً ، والشك بدونه ، سيّما على ما اخترناه من اعتبار استواء السطوح في الكرّ في عدم الانفعال. وربما يُعلّل بالنصّ أيضاً ، ولم نقف عليه ، فهذا كلّه إذا لم يتغيّر القليل.
وأما إذا كان متغيّراً بالنجاسة فلا بد من أن يكون اتّصال الكرّ أو ممازجته بعد زوال التغيّر ، فإذا تغيّر بعض أجزاء الكرّ قبل الممازجة فلا يكفي ، لتنجّسه بالملاقاة ، فلا بدّ من كون الغير المتغيّر كرّاً أو إلقاء كرّ آخر حتّى يزول ، وصرّح بذلك في المعالم (٢).
لا يقال : إنّ هذا مستلزم لعدم التطهير في صورة التغيّر ، أو اعتبار الممازجة إلّا مع العلم بعدم انقطاع أجزاء الكرّ أو الظن به ، وهو إما متعذّر أو متعسّر.
لأنا نقول : عدم العلم أو الظن بالانقطاع كافٍ ، لأنّ الأصل عدمه ، فيحصل الظن بذلك أيضاً. مع أنّ الإجماع واقع على ذلك مع اعتبار الدفعة. وكذلك يكفي عدم العلم أو الظنّ بحصول الاختلاف في السطوح ، والخروج عن الوحدة العرفيّة.
الثاني : إلقاؤه في كرّ ، ولا إشكال فيه مع حصول المزج ، فلا يكفي إدخال الكوز الممتلئ من الماء في الكرّ في التطهير ، بل لا بد من التداخل والامتزاج ، وهو يحصل إما بقوّة انصباب المطهّر أو بعدم امتلاء الكوز بحيث يحصل التداخل ، هذا إذا لم يكن متغيّراً ،
__________________
(١) يعني : أنّ ما قيل سابقاً من عدم حصول الامتزاج الحقيقي وكفاية اتّصال بعض الأجزاء في الامتزاج لا يمكن الاستدلال به لكفاية مجرد الاتّصال ، لأنّه لا يلزم منه كفاية مطلق الاتّصال.
(٢) معالم الفقه : ٢١.