ولا خلاف في كفاية غير الأخيرين ، وفيهما خلاف عن ابن طاوس (١) ، ونسبه الشهيد في القواعد إلى الأصحاب (٢) (٣) ، والحقّ خلافه ، كما هو مذهب جمهور أصحابنا ، المستفاد من الآيات ، كقوله تعالى (يَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً) (٤) و (افْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٥) وغير ذلك.
مضافاً إلى الأخبار الكثيرة ، وناهيك حسنة هارون بن خارجة ، عن الصادق عليهالسلام قال : «العباد (٦) ثلاثة : قوم عبدوا الله عزوجل خوفاً ؛ فتلك عبادة العبيد ، وقوم عبدوا الله تبارك وتعالى طلب الثواب ؛ فتلك عبادة الأُجراء ، وقوم عبدوا الله عزوجل حبّا له ؛ فتلك عبادة الأحرار ، وهي أفضل العبادة» (٧).
وكذلك الأخبار المستفيضة الدالّة على أنّ من بلغه ثواب على عمل ففعله التماس ذلك الثواب أُوتيه وإن لم يكن كما بلغه.
ويجب أن يكون الداعي إلى الفعل هو التقرّب لا غير ، بأن يكون خالصاً لله.
فإن انضمّ إليه شيء آخر ، فإن كان رياءً أو سمعة ، فالمشهور بطلان العبادة خلافاً للسيد (٨) لقوله تعالى (وَما أُمِرُوا إِلّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) (٩) فإنّ الظاهر أنّ اللام بمعنى الباء ، وأنّ الدين هو الطاعة لا الملّة ، وأنّ المراد أعمّ من
__________________
(١) نقله عنه في روض الجنان : ٢٧.
(٢) القواعد والفوائد ١ : ٧٧ ، نضد القواعد الفقهيّة : ١٧١.
(٣) ويظهر من كلام غيره من الأصحاب أيضاً كون ذلك إجماعيّاً ، ويمكن أن يوجّه بأنّ مرادهم من البطلان هو إذا كان المراد محض دفع الضرر عن النفس أو جلب النفع مع قطع النظر عن كونهما صادرين عن الله تعالى وعن كونهما طاعة ، وإلّا فيصير الأمر عسيراً جدّاً (منه رحمهالله).
(٤) الأنبياء : ٩٠.
(٥) الحج : ٧٧.
(٦) في «م» : العبادة ، ونسخ المصادر أيضاً مختلفة.
(٧) الكافي ٢ : ٦٨ ح ٥ ، الوسائل ١ : ٤٥ أبواب مقدّمة العبادات ب ٩ ح ١.
(٨) الانتصار : ١٧.
(٩) البيّنة : ٥.