الإخلاص عن تشريك الأوثان ونحوها ، والحصر يفيد عدم كون غير الخالص مأموراً به ، فإذ لا أمر فلا امتثال.
ولأنّ الظاهر مما دلّ على حرمة الرياء في العبادات من الآيات والأخبار : هو حرمة العبادة المراءى فيها ، لا مجرّد الرياء ، والنهي في العبادة مستلزم للفساد.
وإن كان فعلاً راجحاً ، فظاهرهم الاتفاق على الجواز ، كضمّ الحِمية إلى الصوم ، والإرشاد إلى الوضوء ، والإعلام إلى التكبير ، أو إجهاره ، ونحو ذلك.
وظنّي أنّ مرادهم هنا : ما حصل الضمّ من جهة المكلّف ، بأن يكون بين الضميمة والعبادة عموم من وجه. وأما ما نصّ عليه كالتسبيح في الصلاة لأجل إعلام الغير (١) أو صلاة الليل لتوسيع الرزق (٢) ، ونحو ذلك مما هو من الكثرة بمكان ، فليس بمحلّ الإشكال ، لترخيص الشارع ، وإن كان من المباحات. ومن هذا الباب استيجار الحجّ ، والصلاة ، وغيرهما (٣).
وأما غير ذلك مما لا رخصة فيه ولا رجحان ، كضمّ التبرّد والتسخّن إلى الوضوء والغسل ونحو ذلك ، ففيه خلاف. للمجوّزين : أصالة البراءة عن التكليف ، ومنع ثبوت الوجوب ، وأن اللازم واجب الحصول وإن لم ينوه.
وللنافي : اشتراط الإخلاص ، وهو منافٍ له ، فيرتفع الأصل ؛ والنقض بالرياء ، فإنّ رؤية الناس أيضاً لازمة وإن لم ينوها.
ويمكن دفع الأوّل بعدم دلالة الآية على أزيد من الإخلاص عن الشرك والرياء ، وكذلك غيرها من الأدلّة ، والثاني بأنّه مخرج بالدليل.
__________________
(١) انظر الوسائل ٤ : ١٢٥٥ أبواب قواطع الصلاة ب ٩.
(٢) انظر الوسائل ٥ : ٢٧١ أبواب بقيّة الصلوات المندوبة ب ٣٩ ح ١١ ، ١٣ ، ١٦ ، ٤١.
(٣) ولعلّ من هذا الباب صحيحة هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليهالسلام قال «كان أمير المؤمنين عليهالسلام يدخل إلى أهله فيقول : عندكم شيء وإلّا صمتُ ، فإن كان عندهم شيء أتوه به وإلّا صام» فإنّه يدلّ على جواز الصوم لعدم حصول شيء ولا ينافي القربة (منه رحمهالله).