الواقعة غير منصوصة ، فلا يتحقق شرط التمسّك بالأصل (١) انتهى. ويظهر منه أنّ جريان الأصل مشروط بالعلم بعدم النص ، وهذا واضح الفساد ، فانّ الأصل مشروط بعدم العلم بالنص ، لا بالعلم بعدم النص.
وأمّا ما ذكره شيخنا الأنصاري قدسسره من أنّه إذا فتح القفص متعمداً عليه الاثم والتعزير ، وإلاّ فلا يكون عليه شيء. فلعل المراد منه نفي الاثم في صورة عدم العمد كما يشهد عليه صدر العبارة لا نفي الضمان أيضاً ، لاطلاق قوله عليهالسلام : «من أتلف مال الغير فهو له ضامن» على ما تقدّم بيانه.
وأمّا الشرط الثاني : فتحقيق الحال فيه يستدعي التفصيل في المقام ، وهو أنّ ترتب الالزام من جهة على جريان البراءة يتصوّر على أقسام :
القسم الأوّل : أن لا يكون بينهما في ذاتهما ترتب شرعاً ولا عقلاً ، إلاّأنّ شيئاً خارجياً أوجب ذلك بينهما ، كما في المثال الذي ذكره الفاضل التوني من العلم الاجمالي بنجاسة أحد الاناءين ، فانّه لا ترتب بين طهارة أحدهما ونجاسة الآخر بحسب الواقع ، ويمكن أن يكون كلاهما نجساً في الواقع ، لكن العلم الاجمالي أوجب الترتب المذكور ، فلأجله كان جريان البراءة عن وجوب الاجتناب في أحدهما موجباً لوجوب الاجتناب عن الآخر ، ففي مثل ذلك لا يمكن الرجوع إلى الأصل ، لا لما ذكره الفاضل التوني من كون الأصل فيه مثبتاً ، بل لعدم جريانه في نفسه لابتلائه بالمعارض ، فلا تصل النوبة إلى استناد عدم الجريان إلى كون الأصل مثبتاً. ولذا لو فرضنا قيام الأمارة في الطرفين
__________________
(١) فرائد الاصول ٢ : ٥٣٢