الموجود الخارجي غير قابل للتقسيم ، فلا محالة يكون المراد انقسام نوعه ، فتكون الرواية مختصّة بالشبهات الموضوعية.
ومن جملة الروايات التي استدلّ بها على البراءة قوله صلىاللهعليهوآله : «الناس في سعة ما لا يعلمون» (١) والاستدلال به مبني على أنّ كلمة «ما» موصولة وقد اضيفت إليها كلمة «سعة» ، فيكون المعنى أنّ الناس في سعةٍ من الحكم المجهول ، فمفاده هو مفاد حديث الرفع ، ويكون حينئذ معارضاً لأدلة وجوب الاحتياط على تقدير تماميتها. وأمّا إن كانت كلمة «ما» مصدرية زمانية ، فلا يصحّ الاستدلال به على المقام ، إذ المعنى حينئذ أنّ الناس في سعة ما داموا لم يعلموا ، فمفاد الحديث هو مفاد قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، وتكون أدلة وجوب الاحتياط حاكمة عليه ، لأنّها بيان.
والظاهر هو الاحتمال الأوّل ، لأنّ كلمة «ما» الزمانية ـ حسب الاستقراء ـ لا تدخل على الفعل المضارع ، وإنّما تدخل على الفعل الماضي لفظاً ومعنىً أو معنىً فقط. ولو سلّم دخولها على المضارع أحياناً لا ريب في شذوذه فلا تحمل عليه إلاّمع القرينة. نعم ، لو كان المضارع مدخولاً لكلمة «لم» (٢) ، لكان للاحتمال المذكور وجه ، باعتبار كون الفعل ماضياً بحسب المعنى ، فالصحيح دلالة الحديث على البراءة. وباطلاقه يشمل الشبهات الحكمية والموضوعية.
وظهر بما ذكرناه : أنّ ما أفاده المحقق النائيني قدسسره ـ من ترجيح الاحتمال الثاني وعدم دلالة الحديث على البراءة (٣) ـ خلاف التحقيق. ولكنّ
__________________
(١) المستدرك ١٨ : ٢٠ / أبواب مقدّمات الحدود ب ١٢ ح ٤
(٢) المذكور في المصدر : «الناس في سعة ما لم يعلموا»
(٣) أجود التقريرات ٣ : ٣١٦