الحضور. وأمّا زمان الغيبة فادّعاء الرؤية فيه غير مسموع مع أنّهم أيضاً لم يدّعوها.
ثمّ إنّ بعض الأعاظم (١) التزم بحجّية الاجماع المنقول في كلمات القدماء ، بدعوى أنّه يحتمل أن يكون مستندهم هو السماع من المعصوم عليهالسلام ، ولو بالواسطة ، لقرب عصرهم بزمان الحضور ، فضمّوا إلى قول المعصوم أقوال العلماء ، ونقلوه بلفظ الاجماع ، فيكون نقل الاجماع من المتقدمين من القسم الثاني من الاخبار ، وهو ما كان الاخبار عن أمر حسّي ، مع احتمال أن يكون الاخبار به مستنداً إلى الحدس ، وأن يكون مستنداً إلى الحس ، وقد تقدّم (٢) أنّ هذا القسم من الاخبار حجّة بسيرة العقلاء ، باعتبار أنّ ظاهر الاخبار عن أمر حسّي يدل على كونه مستنداً إلى الحس ، فيكون حجّة. وبالجملة احتمال كون الاخبار مستنداً إلى الحس كافٍ في الحجّية ببناء العقلاء ، هذا ملخص كلامه بتوضيح منّا.
وفيه أوّلاً : أنّ هذا الاحتمال ـ أي استناد القدماء في نقل الاجماع إلى الحس ـ احتمال موهوم جداً ، بحيث يكاد يلحق بالتخيل فلا مجال للاعتناء به ، وما ذكرناه ـ من أنّ احتمال كون الاخبار مستنداً إلى الحس كافٍ في حجّيته ـ إنّما هو فيما إذا كان الاحتمال عقلائياً ، لا الاحتمال البعيد غاية البعد الملحق بأمر خيالي.
وما يظهر به بعد هذا الاحتمال وكونه موهوماً أمران :
أحدهما : تتبع اجماعات القدماء كالشيخ الطوسي قدسسره والسيّد المرتضى
__________________
(١) نهاية الأفكار ٣ : ٩٧
(٢) في ص ١٥٧