هذا ، والصحيح عدم لزوم تقديم المظنون على المحتمل ولو قلنا بأنّ الامتثال الاحتمالي في طول الامتثال اليقيني ، وأنّ العقل يحكم بأ نّه مع التمكن لا بدّ من أن يكون الانبعاث عن البعث الجزمي لا عن البعث الاحتمالي ، وذلك لأنّ الاتيان بالمظنون يكون بداعي الأمر الجزمي الثابت باليقين التعبدي ، سواء قدّم على المحتمل أو أخّر عنه ، والاتيان بالمحتمل يكون بداعي احتمال البعث ، بلا فرق بين التقديم والتأخير ، فالكبرى الكلّية المذكورة في كلام المحقق النائيني قدسسره على تقدير تسليمها لا تنطبق على المقام ، ولا تفيد لزوم تقديم المظنون على المحتمل. هذا كلّه في جواز الاحتياط مع التمكن من الظن الخاص.
وأمّا إذا لم يتمكن منه ودار الأمر بين الاحتياط والعمل بالظن الانسدادي المعبّر عنه بالظن المطلق ، فهل يجوز الاكتفاء بالامتثال الاجمالي أو يتعين عليه الامتثال التفصيلي الظنّي؟
ولا يخفى أنّ هذا البحث إنّما هو على تقدير عدم جواز الاحتياط مع التمكن من الامتثال بالعلم التفصيلي ، أو التمكن من الامتثال بالظن الخاص ، فعلى هذا التقدير يقع الكلام في أنّ الظن المطلق كالظن الخاص في عدم جواز الاحتياط مع التمكن منه أو لا؟
وأمّا على تقدير الالتزام بجواز الاحتياط مع التمكن من الامتثال بالعلم التفصيلي أو بالظن الخاص ، فلا يبقى مجال للبحث عن جواز الاحتياط مع التمكن من الامتثال بالظن المطلق ، إذ الظن المطلق لا يكون أرقى من العلم الوجداني والظن الخاص يقيناً.
إذا عرفت ذلك فنقول : ظاهر كلام الشيخ (١) قدسسره جواز الاحتياط
__________________
(١) فرائد الاصول ١ : ٧١ و ٧٢