الحقيقة إشكال على حصر موضوع علم الاصول فيها ، فلا بدّ من الالتزام بأنّ موضوع علم الاصول أمر جامع لجميع موضوعات مسائله ، لا خصوص الأدلة الأربعة ، لأنّه لم يدل عليه دليل من آية ولا رواية.
هذا بناءً على الالتزام بلزوم الموضوع لكل علم ، وإلاّ كما هو الصحيح فلا موضوع لعلم الاصول أصلاً ، وعلمية العلم لا تتوقف على وجود الموضوع على ما تقدّم الكلام فيه في أوائل بحث الألفاظ (١).
ثمّ إنّ شيخنا الأنصاري (قدسسره) حيث اختار أنّ الموضوع لعلم الاصول هي الأدلة الأربعة ، تصدّى لدفع الاشكال المذكور (٢) وملخص ما أفاده بتوضيح منّا : أنّ العمل بالأخبار يتوقف على امور ثلاثة : حجّية الظهور ، وأصل الصدور ، وجهة الصدور بمعنى كون الكلام صادراً لبيان المراد الجدي لابداع آخر كالتقيّة والامتحان والاستهزاء ونحوها. أمّا حجّية الظواهر فقد تقدّم الكلام فيها. وأمّا جهة الصدور فقد تحققت سيرة العقلاء على حمل الكلام الصادر من كل متكلم على أنّه صادر لبيان المراد الواقعي ، لا لداعٍ آخر كالتقية والسخرية ونحوهما. وأمّا أصل الصدور فالمتكفل لبيانه هذا المبحث ، فيبحث فيه عن أنّ صدور السنّة ـ وهي قول المعصوم عليهالسلام أو فعله أو تقريره ـ يثبت بخبر الواحد أم لا ، فيكون البحث بحثاً عن أحوال السنّة ، ويندرج في المسائل الاصولية.
وفيه : أنّه إن كان المراد هو الثبوت الواقعي الخارجي فهو بديهي الفساد ولا يبحث عنه في هذه المسألة ، فإنّ الخبر حاكٍ عن السنّة ، ولا يعقل أن يكون
__________________
(١) محاضرات في اصول الفقه ١ : ١٣ وما بعدها
(٢) فرائد الاصول ١ : ١٥٦