الرجوع إلى استصحاب بقاء الليل أو البراءة بدون النظر ، لأنّ مجرد النظر لا يعدّ من الفحص عرفاً ليحكم بعدم وجوبه.
وفيه : أنّ مجرد النظر وفتح العين من دون إعمال مقدّمة اخرى وإن كان لا يعدّ من الفحص ، إلاّأنّ الفحص بعنوانه لم يؤخذ في لسان دليل ليكون الاعتبار بصدقه عرفاً ، بل المأخوذ في أدلة البراءة إنّما هو الجاهل وغير العالم.
ولا شك في أنّ المكلف بالصوم في المثال المذكور جاهل بطلوع الفجر ، ولا دليل على وجوب النظر ليكون مقيّداً لاطلاقات الأدلة الدالة على الاستصحاب أو البراءة ، فالاطلاقات المذكورة محكّمة لا وجه لتقييدها.
الجهة السابعة : ذكر الفاضل التوني (١) قدسسره على ما حكى عنه شيخنا الأنصاري (٢) قدسسره للبراءة شرطين آخرين بعد الفراغ عن كونها مشروطةً بالفحص :
أحدهما : أن لا يكون جريانها موجباً للضرر على مسلم أو من بحكمه ، ومثّل له بما لو فتح إنسان قفص طائر فطار ، أو حبس شاة فمات ولدها ، أو أمسك رجلاً فهربت دابته ، فانّ إجراء البراءة في هذه الموارد يوجب الضرر على المالك.
ثانيهما : أن لا يكون مستلزماً لثبوت حكم إلزامي من جهة اخرى ، ومثّل له بما إذا علم إجمالاً بنجاسة أحد الاناءين ، فانّ جريان البراءة عن وجوب أحدهما يوجب وجوب الاجتناب عن الآخر ، للعلم الاجمالي بنجاسة أحدهما.
وبما إذا لاقى الماء المشكوك في كونه كراً النجاسة ، فانّ جريان أصالة عدم الكرية يوجب الحكم بوجوب الاجتناب عنه. وكذا إذا علم بكرية الماء وشكّ في تقدّمها على ملاقاة النجاسة ، فانّ جريان أصالة عدم التقدّم يوجب الاجتناب
__________________
(١) ، (٢) الوافية : ١٩٣ وفرائد الاصول ٢ : ٥٢٩