في المروي فلا بدّ من حمله على الحكمة دون العلّة.
والمدرك لخيار الغبن هو تخلّف الشرط الارتكازي الثابت في المعاملات العقلائية من تساوي العوضين في المالية ، فانّ البناء الارتكازي من العقلاء ثابت على التحفظ على الهيولى والمالية عند تبديل الصور والتشخصات لأغراض وحوائج تدعوهم إليه ، فلو فرض نقصان أحد العوضين عن الآخر في المالية بحيث ينافي ويخالف هذا الشرط الارتكازي ، ثبت خيار تخلّف الشرط. نعم ، النقصان اليسير لا يوجب الخيار ، لكونه ثابتاً في غالب المعاملات المتعارفة. والتفصيل موكول إلى محلّه (١).
التنبيه الثالث
ذكر شيخنا الأنصاري قدسسره (٢) أنّ كثرة التخصيصات الواردة على قاعدة لا ضرر بالاجماع والنصوص الخاصّة موهنة للتمسك بها في غير الموارد المنصوص عليها والمنجبرة بعمل الأصحاب ، فانّ الأحكام المجعولة في باب الضمانات والحدود والديات والقصاص والتعزيرات كلّها ضررية ، وكذلك تشريع الخمس والزكاة والحج والجهاد ضرري ، مع كونها مجعولةً بالضرورة. ومن هذا القبيل الحكم بنجاسة الملاقي فيما كان مسقطاً لماليته ، كما في المرق أو منقصاً لها كما في الفرو ، مع أنّه ثابت بلا إشكال ، وكذا غيرها ممّا تأتي الاشارة إلى بعضها ، فما خرج من عموم القاعدة أكثر ممّا بقي تحتها ، وحيث إنّ تخصيص الأكثر
__________________
(١) مصباح الفقاهة ٦ : ٢٩٠ وما بعدها
(٢) فرائد الاصول ٢ : ٥٣٧