بمجرد الظهور ما لم يحصل لهم الاطمئنان بالواقع ، كما إذا احتمل إرادة خلاف الظاهر في كلام الطبيب فانّهم لا يعملون به ، إلاّأنّ ذلك خارج عن محل الكلام ، إذ الكلام فيما إذا كان المطلوب هو الخروج من عهدة التكليف ، وتحصيل الأمن من العقاب ، وفي مثله تحقق بناء العقلاء على العمل بالظواهر مطلقاً ، ولو مع الظن بالخلاف فضلاً عن عدم الظن بالوفاق.
وأمّا الأمر الثاني : فذهب المحقق القمي قدسسره إلى اختصاص حجية الظواهر بمن قصد إفهامه ، وعليه رتّب انسداد باب العلم والعلمي في معظم الأحكام ، باعتبار أنّ الأخبار المروية عن الأئمة عليهمالسلام لم يقصد منها إلاّ إفهام خصوص المشافهين ، فتختص حجية ظواهرها بهم (١).
وغاية ما يمكن أن يقال في تقريب هذا القول وجهان ذكرهما شيخنا الأنصاري قدسسره (٢).
الوجه الأوّل راجع إلى منع الكبرى ، وأ نّه لا حجّية للظواهر بالنسبة إلى غير المقصودين بالافهام.
الوجه الثاني راجع إلى منع الصغرى ، وأ نّه لا ينعقد ظهور للأخبار بالنسبة إلى غير المقصودين بالافهام.
أمّا الوجه الأوّل : فهو أنّ منشأ حجّية الظواهر هي أصالة عدم الغفلة ، إذ بعد كون المتكلم في مقام البيان كان احتمال إرادة خلاف الظاهر مستنداً إلى احتمال غفلة المتكلم عن نصب القرينة ، أو غفلة السامع عن الالتفات إليها ، والأصل عدم الغفلة في كل منهما. وأمّا احتمال تعمّد المتكلم في عدم نصب
__________________
(١) قوانين الاصول ١ : ٣٩٨ و ٤٠٣ ، ٤٥١ و ٤٥٢
(٢) فرائد الاصول ١ : ١١٥ و ١١٦