أوّلاً : أنّ رواية أبان ضعيفة السند ، فلا يصحّ الاعتماد عليها (١).
وثانياً : أنّه لا دلالة لها على كونه قاطعاً بالحكم. نعم ، يظهر منها كونه مطمئناً به ، حيث قال : «إنّ هذا كان يبلغنا ونحن بالعراق فنبرأ ممّن قاله ، ونقول الذي جاء به شيطان».
وثالثاً : أنّه ليس فيها دلالة على المنع عن العمل بالقطع على تقدير حصوله لأبان ، فانّ الإمام عليهالسلام قد أزال قطعه ببيان الواقع ، وأنّ قطعه مخالف له ، وذلك يتّفق كثيراً في المحاورات العرفية أيضاً ، فربّما يحصل القطع بشيء لأحد ويرى صاحبه أنّ قطعه مخالف للواقع ، فيبيّن له الواقع ، ويذكر الدليل عليه ، ليزول قطعه ـ أي جهله المركب ـ لا للمنع عن العمل بالقطع على تقدير بقائه.
فتحصّل : أنّ ما ذكره شيخنا الأعظم الأنصاري قدسسره ـ وتبعه أكثر من تأخّر عنه ـ من استحالة المنع عن العمل بالقطع متين جداً. نعم ، الخوض في المطالب العقلية لاستنباط الأحكام الشرعية مرغوب عنه ، وعليه فلا يكون معذوراً لو حصل له القطع بالأحكام الشرعية من المقدمات العقلية ، على تقدير كون قطعه مخالفاً للواقع ، لتقصيره في المقدمات.
ولا يخفى أنّه بعدما ثبتت استحالة المنع عن العمل بالقطع ثبوتاً ، لا حاجة إلى البحث عن مقام الاثبات ودلالة الأدلة الشرعية ، كما هو ظاهر.
بقي الكلام في فروع توهم فيها المنع عن العمل بالقطع. وحيث إنّ القطع ممّا لا يمكن المنع عن العمل به ـ على ما تقدّم الكلام فيه ـ فلا بدّ من التعرّض لتلك الفروع ودفع التوهم المذكور :
__________________
(١) [سند الرواية معتبر فلاحظ]