التكليف. ألا ترى أنّه ليس في كل واحد من أطراف العلم الاجمالي وفي الشبهة الحكمية قبل الفحص إلاّاحتمال الضرر ، ومع ذلك أوجبوا الاحتياط في الأوّل والفحص في الثاني ، وليس ذلك إلاّلوجوب دفع الضرر المحتمل.
هذا ، مضافاً إلى أنّ الالتزام بعدم وجوب دفع الضرر المحتمل ـ ولو كان اخروياً ـ يستلزم الاكتفاء بالامتثال الاحتمالي أيضاً ، وهو واضح الفساد بل ضروري البطلان.
فتحصّل : أنّ الظن ليس حجّة في نفسه ، بلا فرق بين مقام الثبوت ومقام السقوط ، وأنّ حجيته منحصرة بالجعل الشرعي.
الجهة الثانية : في إمكان التعبد بالظن. وليعلم أنّه ليس المراد بالامكان في المقام هو الاحتمال ، كما هو المراد في قولهم : كل ما قرع سمعك فذره في بقعة الامكان ما لم يذدك عنه ساطع البرهان ، لوضوح أنّ الاحتمال أمر تكويني غير قابل للنزاع ، كما أنّه ليس المراد منه الامكان الذاتي في مقابل الاستحالة الذاتية ، لوضوح أنّ التعبد بالظن ليس ممّا يحكم العقل باستحالته بمجرد لحاظه وتصوّره ، كاجتماع الضدّين ، بل المراد منه الامكان الوقوعي في قبال الاستحالة الوقوعية ، بمعنى أنّه هل يلزم من وقوع التعبّد بالظن محال مطلقاً كاجتماع الضدّين أو المثلين ، أو بالنسبة إلى الحكيم كتحليل الحرام وتحريم الحلال أم لا؟
إذا عرفت ذلك فاعلم أنّ شيخنا الأنصاري (١) قدسسره اختار إمكان التعبد بالظن ، بدعوى أنّ بناء العقلاء على الحكم بالامكان ما لم تثبت الاستحالة.
واستشكل عليه صاحب الكفاية (٢) قدسسره بوجوه :
__________________
(١) فرائد الاصول ١ : ٨٧
(٢) كفاية الاصول : ٢٧٦